وهبهم والدهم بيتاً ، ثم تزوج وأنجب ، ومات ، فهل يدخل البيت في التركة؟
بعد وفاة والدتي بمدة احتاج والدي أن يتزوج ، وكان في أواخر العقد السادس من عمره ، وله منزلان ، واقترحنا عليه قبل أن يتزوج أن يكتب البيت القديم بأسمائنا بيعاً وشراءً ، ووافق أبي ، ولكن أظن أنه وافق على كره منه ، وتزوج أبي ، مع توضيح هذا الأمر للزوجة الجديدة ولأهلها ، ورزق الله أبي من هذا الزواج بنتاً ، وتوفي رحمه الله ، الآن عندنا بيتان : القديم نملكه نحن الأخوة الأربعة بالبيع من أبي قبل زواجه ، والثاني : كلنا شركاء فيه ، نحن الإخوة الأربعة ، وأختنا من الزوجة الجديدة ، وأمها .
فهل هذا يجوز ؟ علماً بأني خوفاً مِن عدم جوازه فقد أعطيت لأختي ووالدتها بعد أن بعت نصيبي في البيت الأول أكثر مما لهم من حق فيما يخص نصيبي الذي بعته ، وما بقي لهم من نصيب فعند إخوتي .
الجواب
الحمد لله.
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يرحم والديك ، وأن يسكنهما الفردوس ، ونسأله تعالى أن يجزيك
خيراً على اهتمامك وسؤالك وتحريك للحلال .
ثانياً:
ما فعلتموه مع أبيكم من الطلب أن يسجِّل البيت الأول باسمكم جميعاً : لم يكن لكم
فيه حق ، لأن الزواج من حقه ، فلماذا يتنازل لكم عن ملكه مقابل زواجه ؟ ولأنه لم
يكن عن طيب نفس منه.
وإذا كنتم تجزمون أن ذلك كان عن كُرهٍ منه ، وعدم رغبة : فإنه ليس لكم تملكه ، ويجب
عليكم وضعه في التركة ليرثه الورثة جميعاً ، وقد حرَّم الله تعالى علينا أخذ أموال
الناس إلا برضاهم ، وطيب نفوسهم .
قال الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ
بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ )
النساء/29 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ )
رواه ابن ماجه ( 2185 ) ، وصححه الألباني في " صحيح
ابن ماجه " .
وعَنْ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( أَلَا وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ
شَيْءٌ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) .
رواه أحمد ( 20577 ) ، وصححه الألباني في "
إرواء الغليل " ( 1459 ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"فلا يصح - أي البيع - من المكره إلا بحق ، فلو أن سلطاناً جائراً أرغم شخصاً على
أن يبيع هذه السلعة لفلان فباعها فإن البيع لا يصح ؛ لأنها صدرت عن غير تراض ، ومثل
ذلك ما لو علمت أن هذا البائع باع عليك حياءً أو خجلاً فإنه لا يجوز لك أن تشتري
منه مادمت تعلم أنه لولا الحياء والخجل لم يبع عليك"
انتهى .
" الشرح الممتع " ( 8 / 108 ) .
وعليه : فإن ثبت لديكم أن ما بذله لكم والدكم كان من غير طيب نفس : فلا يحل لكم ،
ويجب عليكم تقسيمه مع البيت الآخر بين ورثته جميعاً ، ومن أبى من أشقائك : فإنما
إثمه على نفسه ، ويلزم من رضي منكم بهذا الحكم أن يجعل نصيبه من ذلك البيت في
التركة ، ولا يتوقف بذله له على بذل أشقائه ، وإرجاعهم لنصيبهم .
وإن كان أعطاكم إياه بطيب نفس ، أو طابت نفسه فيما بعد وقبل أن ينجب من زوجته
الثانية : فإنه حلال لكم ، ولستم ملزمين بجعله في ميراثه .
وما فعلته من إعطاء أختك وأمها من نصيبك : أمرٌ تُشكر عليه ، ويدل على حسن خلق وورع
عن الحرام ، نسأل الله أن يعوضك خيراً منه في الدنيا والآخرة .
وينظر جواب السؤال رقم : ( 88197
) ففيه زيادة تفصيل .
والله أعلم