التفصيل في حكم تأجير الاستراحات ، وكسبها
أود بناء استراحة للمناسبات ، بحيث يستأجرها الناس لإقامة حفلات الزفاف فيها ، فما الحكم في ذلك إذا علمنا بأن الكثير من الناس في هذه الأيام يجلبون المعازف والموسيقى المحرمة ، ويقومون بالرقص حتى ساعة متأخرة من الليل احتفالا بهذه المناسبات ؟ وهل المال الذي أجنيه من هذه التجارة يعتبر حراماً ؟ .
الجواب
الحمد لله.
أولاً:
لا حرج على مالك صالة أفراح أو استراحة أن يؤجرها لمن يقيم بها حفلة زفاف ، لكن لا
يحل له أن يؤجرها لمن يعلم – أو يغلب على ظنه - أنهم يعصون الله تعالى فيها ،
بإقامة الحفلات المختلطة ، واستعمال المعازف وآلات اللهو ، وإزعاج الآخرين بالضجة
والضوضاء ، ومن أجَّرها لمثل هؤلاء : فإنه شريك لهم فيما يكتسبونه من آثام .
وإذا علمت أو غلب على ظنك أن من يريد استئجار هذه الاستراحة لا يريد أن يعصي الله
تعالى فيها : فلا حرج عليك في تأجيره ، ولو وقعت منه المعصية بعد ذلك فيها ولم تعلم
عنها ، أو لم تستطع منعها : فلا حرج عليك ، ولا إثم .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"كل شيء تؤجره لمحرَّم : فأنت شريك صاحبه في الإثم ، وهو حرام عليك ، حتى تأجير
المكان للحلاَّق الذي يحلق اللحية : حرام ، لكن لو أجرته لحلاق على أنه يحلق الرءوس
، ثم رأيته يحلق اللحى : فهذا الإثم عليه هو ؛ لأن هناك فرقاً بين من استأجر الشيء
ليعصي الله فيه ، وبين من استأجره فعصى الله فيه" انتهى .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 43 / السؤال رقم 3 ) .
ثانياً:
إذا أجرت الاستراحة لمن تعلم منه – أو يغلب على ظنك – أنه يعصي الله تعالى فيها :
فالإجارة باطلة ، والكسب منها محرَّم .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
رجل عنده استراحة ، وقد أجَّرها على أناس يستعملونها فيما حرم الله تعالى ، ولم
يشترط عليهم في العقد عدم استعمال ذلك ، فما الحل ؟ وإذا كان قد اشترط عليهم : فهل
ينفسخ العقد ويحق له إخراجهم ؟ وماذا عن قيمة الإيجار ؟ .
فأجاب :
"إن كان يعلم ، أو يغلب على ظنه أنهم سوف يستعملونها في معصية الله : فالعقد باطل ،
والأجرة ليست ملكاً له ، وهم لا حق لهم بالانتفاع ، وله أن يخرجهم فوراً .
وإذا كان لا يغلب على ظنه ذلك ، جاءه قوم استأجروها ، ولكن صاروا يعصون الله فيها :
فهذا يجب إنظارهم إلى مدتهم ؛ لأن عقد الإجارة عقد لازم ، لكن عليه أن ينصحهم ،
وينهاهم عن المنكر ، والأجرة التي أخذها : حلال له ؛ لأنه لم يؤجرهم إياها ليعصوا
الله فيها ، ولا علم بذلك ، ولا غلب على ظنه ، لكن إن شرط عليهم ألا يستعملوا ذلك
واستعملوه : وجب عليه فسخ الإجارة وجوباً ، وله ما سبق الفسخ من الأجرة" انتهى
باختصار .
" اللقاء الشهري " ( 39 / السؤال رقم 2 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 105341 ) .
فاتق الله في مشروعك هذا ، ولا تحرص على الكسب دون الالتفات للحكم الشرعي ، وظننا
فيك أنك لم تسأل إلا لتطبق ما تعلمه من شرع الله ، فاحرص على الكسب الحلال ، وأجِّر
من تعلم أو يغلب على ظنك أنهم يستعملون استراحتك في الحلال ، وهم كثر إن شاء الله ،
وإن عُرفتَ بهذا التحري : فلعله يكون سبب ثقة الناس بك ، ويزداد مالك الحلال ،
ويبارك الله تعالى فيها .
والله أعلم