الحكمة من منع الوصية للوارث
لماذا منع الإسلام الوصية للوارث ؟
الجواب
الحمد لله.
روى أبو داود (2870) عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ)
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وقد أشار الحديث إلى الحكمة من منع الوصية للوارث ، وهي : أنه يأخذ بذلك أكثر من
الحق الذي جعله الله له في الميراث ، فكان في الوصية للوارث زيادة على ما شرعه
الله.
وذكر ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/396) حكمة أخرى ، حاصلها : أن هذا التفضيل
لبعض الورثة سيكون على حساب سائر الورثة ، مما قد يكون سبباً لإيقاع العداوة والحسد
بينهم .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
"منع الإسلام الوصية للوارث لأنه من تعدي حدود الله عز وجل ، فإن الله عز وجل حدد
الفرائض والمواريث بحدود قال فيها : (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)
النساء/13، 14 .
فإذا كان للإنسان بنت وأخت شقيقة مثلاً فإن من المعلوم أن للبنت النصف فرضاً ،
وللأخت الشقيقة الباقي تعصباً ، ولو أوصى للبنت في مثل هذه الحال بثلث ماله مثلاً
لكان معنى ذلك أن البنت ستأخذ الثلثين ، والأخت ستأخذ الثلث فقط ، وهذا تعدي لحدود
الله .
وكذلك لو كان ابنان ، فإن من المعلوم أن المال بينهما نصفان ، فلو أوصى لأحدهما
بالثلث مثلاً صار المال بينهما أثلاثاً ، وهذا من تعدي حدود الله ، فلذلك كانت
حراماً ؛ لأنها لو أجيزت ما كان لتحديد المواريث فائدة ، ولكان الناس يتلاعبون ،
وكُلٌّ يوصي لمن شاء فيزداد نصيبه من التركة ويَحْرِم من يشاء فينقص نصيبه"
انتهى .
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 332) .
والله أعلم .