أدركت يقينا من وثائق موثقة ومعتمدة أن الله أكرمني بنسب من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلمت أنه لا تجوز لآل البيت الأكل من مال الصدقة . فما حكم أكل التمر أو الماء أو الوجبات التي توزع في الحرم أو المشاعر في رمضان والحج ؟ هل هي هدايا أم صدقات ؟
الحمد لله.
اتفق العلماء على عدم جواز أكل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من أموال الزكاة المفروضة ، نقل ذلك الإجماع غير واحد من أهل العلم .
انظر : "موسوعة الإجماع" سعدي أبو جيب (2/517-518) .
وانظر جواب السؤال رقم : (21981).
وأما صدقة التطوع فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يجوز لآل محمد صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا منها ، وهذا القول هو المشهور من مذاهب أئمة الفقه الأربعة (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله) .
انظر: "رد المحتار" (2/351) ، "التاج والإكليل" (3/223) ، "مغني المحتاج" (4/195) ، "كشاف القناع" (2/291-292) .
قال الإمام الشافعي رحمه الله :
" ولا يحرم على آل محمد صدقة التطوع ، إنما يحرم عليهم الصدقة المفروضة :
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر [الصادق] بن محمد [الباقر] عن أبيه : أنه كان يشرب من سقايات الناس بمكة والمدينة فقلت له : أتشرب من الصدقة وهي لا تحل لك ؟ فقال : إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة .
قال الشافعي : وتصدق علي وفاطمة على بني هاشم وبني المطلب بأموالهما , وذلك أن هذا تطوع , وقبل النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من صدقة تصدق بها على بريرة , وذلك أنها من بريرة تطوع لا صدقة " انتهى .
"الأم" (2/88) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" ويجوز لذوي القربى الأخذ من صدقة التطوع .
قال أحمد في رواية ابن القاسم : إنما لا يُعطَوْن من الصدقة المفروضة , فأما التطوع , فلا . وعن أحمد , رواية أخرى : أنهم يمنعون صدقة التطوع أيضا ; لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( إنا لا تحل لنا الصدقة ) .
والأول أظهر ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المعروف كله صدقة ) متفق عليه . وقال الله تعالى : ( فمن تصدق به فهو كفارة له ) وقال تعالى : ( فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ) ولا خلاف في إباحة المعروف إلى الهاشمي , والعفو عنه وإنظاره . وقال إخوة يوسف : ( وتصدق علينا ) .
والخبر [يعني الحديث] أريد به صدقة الفرض ; لأن الطلب كان لها , والألف واللام تعود إلى المعهود " انتهى .
"المغني" (2/275).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
نحن أسرة متوسطة الحال ، ومن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولدينا وثائق تثبت ذلك ، وقد بلغ والدي سن الستين ، حيث تنطبق عليه شروط الالتحاق بالضمان الاجتماعي ، وقد طلبنا من الوالد الاستفادة من الضمان الاجتماعي لكنه رفض ؛ لأن هناك حديثا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ينص على عدم إعطاء الزكاة والصدقة لأهل بيته ، وسؤالي هل يعتبر الضمان الاجتماعي في حكم الصدقة أم لا ؟ أفيدوني ؟
فأجاب :
"إذا توافرت في والدك الشروط المعتبرة فيمن يستفيد من مصلحة الضمان الاجتماعي فإنه يحل له أخذ ذلك ؛ لأنه مساعدة من بيت المال للفقراء الذين تتوافر فيهم الشروط المطلوبة ، وليس هو من الزكاة حسب إفادة الجهة المسئولة عن ذلك " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/315) ، وانظر أيضا : (14/313) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا كانت الصدقة صدقة تطوع فإنها تعطى إليهم ولا حرج في هذا ، وإن كانت الصدقة واجبة فإنها لا تعطى إليهم " انتهى باختصار.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/429)
وعلى هذا فلا حرج عليكم من الأكل من الطعام الذي يوزع في الحرمين ومشاعر الحج ، لأن ذلك ليس من الصدقة المفروضة .
والله أعلم .