حكم بيع المخدرات لغير المسلمين

30-10-2008

السؤال 114942

هل يجوز بيع المخدرات لغير المسلمين إذا كان هذا هو السبيل الوحيد للحفاظ على الحياة ؟ مثلا ، كما يحدث للفقراء في أفغانستان ؟

الجواب

الحمد لله.


تعد المخدرات من أخطر ما يتناوله أصحاب الشهوات المحرمة ، لما ينجم عنها من الأمراض المختلفة ، فضلا عن الانحلال ، وفساد الخلق ، وانتشار الفاحشة والجرائم في المجتمع .
ثم إنها بانتشارها في المجتمعات غير المسلمة تنتقل عن طريق أهل السوء والفساد إلى بلاد المسلمين ، بأنواعها المختلفة ، وأمراضها المستعصية ، سواء كانت أمراضا للقلوب أو الأبدان . فوجب منع هذا الشر ، ومحاربته بكل طريق .
ودعوى الضرورة في مثل هذا مما لا ينبغي الالتفات إليه ، بل المسلم إن اضطر جاز له أكل الميتة ولا يجوز له بيع المخدرات ، فإنه لا توجد ضرورة حقيقية تبيح للمسلم أن يبيع المخدرات ، وقول السائل : "إذا كان هذا هو السبيل الوحيد للحفاظ على الحياة فيه" مبالغة واضحة .
فالذي يغرس أرضه بالنباتات المخدرة ليبيعها ويتاجر فيها يمكنه أن يغرسها بنباتات مباحة ، يأكل منها ، ويبيع ما تبقى من المحصول .
وفي الترخص في مثل ذلك فتح باب عظيم من أبواب الشر، ودعوة لنشر هذا الفساد .
وقد روى أبو داود (3488) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( َإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ ) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (5107) .
وروى مسلم (1579) عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا [يعني : الخمر] حَرَّمَ بَيْعَهَا ) .
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ : ( إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ ) متفق عليه.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
" ما حرَّم الله الانتفاعَ به ، فإنَّه يحرم بيعُه وأكلُ ثمنه ، كما جاء مصرحاً به في الراوية المتقدمة : ( إنَّ الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه ) ، وهذه كلمةٌ عامَّةٌ جامعة ، تَطَّرِدُ في كُلِّ ما كان المقصودُ من الانتفاع به حراماً " . انتهى .
"جامع العلوم والحكم" (415) .
وقال ابن حزم رحمه الله :
"َلا يَحِلُّ بَيْعُ الْخَمْرِ، لا لِمُؤْمِنٍ، وَلا لِكَافِرٍ " . انتهى .
"المحلى" (7/356) .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (5/763) :
" فإن قيل : فهل تُجوِّزون للمسلم بيعَ الخمر والخنزير مِن الذمي لاعتقاد الذمي حلهما؟ قيل : لا يجوز ذلك ، وثمنُه حرام " انتهى .
وقال ابن جزي :
" لا يحل لمسلم بيع الخمر إلى مسلم ولا كافر " انتهى .
"القوانين الفقهية" (ص 117) .
وقال النووي :
" بَيْعَ الْخَمْرِ بَاطِلٌ سَوَاءٌ بَاعَهَا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ تَبَايَعَهَا ذِمِّيَّانِ , أَوْ وَكَّلَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا فِي شِرَائِهَا لَهُ , فَكُلُّهُ بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا " انتهى .
"المجموع" (9/271) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/49) :
" لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها ، كالخمور والخنزير ، ولو مع الكفرة ؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ) ، ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها" . انتهى.
فهذه أقوال علماء الإسلام في تحريم بيع الخمر ، ولو كان يبيعها لغير مسلم ، استدلالاً بالأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك .
والله أعلم .
 
البيوع المحرمة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب