حكم إجراء عملية لتصغير الأنف
( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) ما حكم عمليات التجميل لإصلاح عضو أصابه تشوه نتيجة لمرض ، فأنا أعاني من أنف طوله وحجمه غير طبيعي مما يزيد من المشاكل النفسية ، فقد تركت المدرسة لأجل ذلك علما أن أنفي كان طبيعيا قبل ذلك ، وبالتالي إذا قمت بإجراء عملية جراحية أكون قد أرجعت الحالة إلى ما كانت عليه ، مع العلم أن أمي تعارض هذا بشدة ، وللإشارة فإن أنفي لا يزال يتغير حجمه مع الوقت لأني بحثت عن المرض فوجدت اسمه الرهينوفيما - Rhinophyma - فهل أتوكل على الله وأجري العملية حتى لو عارضت أمي هذه العملية بحجة أنه أنف عادي رغم أن هذا غير صحيح ؟ للملاحظة فإن العملية سهلة وليس لها مضاعفات ولله الحمد ولها نتائج إيجابية .
الجواب
الحمد لله.
التجميل على نوعين :
الأول : ما كان لغرض الحسن والجمال ، وهو ممنوع ؛ لأنه من تغيير خلق الله تعالى
الذي يحرص إبليس على إيقاع الناس فيه ، قال تعالى : ( وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا
شَيْطَانًا مَرِيدًا . لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ
نَصِيبًا مَفْرُوضًا . وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ
فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ
اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ
خُسْرَانًا مُبِينًا . يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ
إِلَّا غُرُورًا ) النساء/117 - 119 .
وروى البخاري (4507 ) ومسلم (3966) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه
قَالَ : ( لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ
وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ ) .
وهذا يدل على أن تغيير خلق الله محرّم موجب للعن .
الثاني : ما كان لإزالة عيب أو تشوه ناتج عن حادث أو مرض ، وهذا جائز ؛ لما روى أبو
داود (4232) والترمذي (1770) والنسائي (5161) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
طَرَفَةَ ( أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ
الْكُلَابِ ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ (فضة) فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ ،
فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ
ذَهَبٍ ) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي
داود .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : عن امرأة تريد عملية تجميل بالوجه والصدر؛ لأن
أنفها كبير وعريض ، وتريد تصغيره بطرق سهلة وصل إليها الطب الحديث ، علما أن عدم
عملها قد تؤدي إلى مضايقة نفسية لبروز هذا العيب في وجهها .
فأجابوا : "إذا كان الواقع كما ذكر ، ورجي نجاح العملية ، ولم ينشأ عنها مضرة -
راجحة أو مساوية - جاز إجراؤها تحقيقا للمصلحة المنشودة ، وإلا فلا يجوز .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم "
انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن
غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود
"فتاوى اللجنة الدائمة" (25/59) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن بعض العمليات التجميلية كتعديل الأنف ، شفط
الدهون ، تصغير أو تكبير الثديين ... إلخ ، فما حكم هذه العمليات ؟ وما الضابط وفقك
الله وجزاك خيراً ونفع بك ؟
فأجاب : " أما موضع التجميل الذي ذكر ، فالتجميل نوعان : النوع الأول : إزالة عيب .
والنوع الثاني : زيادة تحسين . أما الأول فجائز - إزالة العيب - فلو كان الإنسان
أنفه مائلاً فيجوز أن يقوم بعملية لتعديله ؛ لأن هذا إزالة عيب ، الأنف ليس طبيعياً
، بل هو مائل فيريد أن يعدله ، كذلك رجل أحول ، الحول عيب بلا شك ، لو أراد الإنسان
أن يعمل عملية لتعديل العيب يجوز أو لا يجوز؟ يجوز ، ولا مانع ؛ لأن هذا إزالة عيب
، لو قطع أنف الإنسان لحادث هل يجوز أن يركب أنفاً بدله ؟ يجوز ؛ لأن هذا إزالة عيب
، وقد وقعت هذه الحادثة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ، قطع أنف أحد الصحابة في
حرب من الحروب ، فالرجل جعل عليه أنفاً من فضة ، ركبه على الأنف ، فأنتنت الفضة ،
الفضة تنتن ، صار لها رائحة كريهة ، فأذن له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن
يتخذ أنفاً من ذهب فاتخذ أنفاً من ذهب ، إذاً هذا نقول: تجميل أو إزالة عيب ؟ إزالة
عيب ، هذا جائز . كذلك لو أن الشفة انشرمت ، فيجوز أن نصل بعضها ببعض لأن هذا إزالة
عيب .
أما النوع الثاني : فهو زيادة تحسين ، هذا هو الذي لا يجوز ؛ ولهذا لعن النبي صلى
الله عليه وعلى آله وسلم المتفلجات للحسن ، بمعنى : أن تبرد أسنانها حتى تتفلج
وتتوسع للحسن ، لعن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك ، ولعن الواصلة التي
تصل شعرها القصير بشعر وما أشبه ذلك .
بقي أن ننظر لعملية تكبير الثدي أو تصغيره يجوز أو لا يجوز ؟ هذا تحسين ، إلا إذا
كانت المرأة الصغيرة الثدي تريد أن يكبر لأجل أن يتسع للبن ، يعني : بحيث يكون
ثديها صغيراً
لا يروي ولدها ، فهذا ربما نقول : إنه لا بأس به ، أما للتجميل فإنه لا يجوز ، فهذا
هو الضابط يا أخي الطبيب لمسألة التحسين ، التحسين إذاً كم ؟ نوعان : الأول :
لإزالة عيب وهذا لا بأس به ، والثاني : لزيادة تجميل فهذا لا يجوز"
انتهى من "اللقاء الشهري" (50/8) .
وينظر جواب السؤال رقم (10227)
و (69812) .
وعليه ؛ فإذا كان كبر الأنف ناتجا عن هذا المرض الذي ذكرت ، وكنت تتأذى من بقائه
هكذا ، فلا حرج عليك في إجراء عملية لإعادته إلى وضعه الأول .
والله أعلم .