أسلوب عامي يقرن لفظ الجلالة في كل تعبير للدلالة على المبالغة

13-08-2008

السؤال 120101

ما حكم قول حلوة ل الله ، أو بعيدة ل الله ، للدلالة على الكثرة والزيادة : فمثلاً إذا أريد التدليل على أن الشيء بعيد جداً فيقال : بعيدة ل الله ، فيقرن اسم الله تعالى بقوله ، بعيدة ل الله ؛ لأن الله تعالى يدل على العظمة . فإن عظم عليه شيء أو صعب عليه فيقول صعب ل الله . وهذا قول منتشر بين بعض الناس ، ويقرن كثيراً بكل شيء ، يراد به التدليل على الكثرة ، مثل : قصير ل الله ، طويل ل الله ، حقير ل الله ، قوي ل الله ، غير لذيذ ل الله . وقول آخر للدلالة على الانزعاج فيقول : أنا واصلة معي لعند الله . فإن كانت الأقوال السابقة مخالفة لشرع الله تعالى ، ومحرمة ، فما سبب ذلك ، وما الدليل على التحريم ؟ ، وهل يختلف القول على حسب اقترانه بشيء حسن أو شيء قبيح في الحكم ، فمثلا : جميل ل الله ، تختلف عن قبيح ل الله ؟

الجواب

الحمد لله.


إذا قصد قائل هذه العبارات الاستخفاف بِقَدْرِ الله ، أو الاستهانة بجلاله عز وجل : كَفَرَ باتفاق علماء المسلمين .
أما إِن لم يقصد ذلك : فلا يجوز للمسلم – على جميع الأحوال - أن يعتاد مثل هذه الألفاظ في كلامه وخطابه ، وذلك :
1- لأن في اعتيادها جرأة على لفظ الجلالة ، وإشعارا بالتعدي على عظمته وجلالته ، والاستخفاف بحقه ، والواجب على المسلم تعظيم أسماء الله تعالى ، وصيانتها ، وحفظ جلالتها عن كل سبيل قد يؤدي إلى الاستخفاف بها ، أو الوقوع في الخطأ فيها .
2- ثم إن الذي يظهر لنا – من قرائن أحوال قائلي هذه الكلمات – أنها تصدر في أحيان كثيرة عن حَنَقٍ وغضب يَشْعُرُ قائلُها نفسُه أنه قد تجاوز الأدب والحدود مع الله سبحانه وتعالى ، نخص من ذلك قوله : " أنا واصلة معي لعند الله " ، فسوء أدب هذه العبارة ظاهر ، يخشى على قائلها من عقوبتها يوم القيامة ، وكذلك إرداف لفظ الجلالة لبعض الأوصاف السيئة ، كما جاء في السؤال من قول بعض العامة : " حقير ل الله "، فهذا فيما نرى لفظ كفري يخشى على قائله من الردة والعياذ بالله .
3- والله سبحانه وتعالى يقول : ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) الحج/30، ويقول عز وجل: ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج/32. يقول الشيخ محمد الخادمي الحنفي رحمه الله : " من آفات اللسان ( ما فيه خوف الكفر ) ، وهو الذي لم يجزم الفقهاء بإيجابه كفرا ، بل قالوا فيه خوف الكفر ، أو خيف فيه الكفر ، أو خطأ عظيم ، ( وحُكمُهُ أن يؤمر بالتوبة وتجديد النكاح احتياطا) لاحتمال كونه كفرا " انتهى. "بريقة محمودية" (3/168) .
4- وقد فسر بعض أهل العلم قوله سبحانه وتعالى : ( وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ ) البقرة/224 بأن المقصود النهي عن الإكثار من حلف الأيمان ولو كانت بوجه حق ، فكيف إذن بالإكثار من ذكر لفظ الجلالة في كل عبارة تليق أو لا تليق . يقول العلامة الطاهر ابن عاشور : " أي لا تجعلوا اسم الله كالشيء المعرَّض للقاصدين " انتهى. "التحرير والتنوير" (2/310) وانظر: "تفسير القرطبي" (3/97).

والله أعلم .
 
الردة المناهي اللفظية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب