اكتشف أن زوجته ليست بكراً وأنها كانت على علاقة مع رافضي فهل يطلقها ؟
تزوجتُ من امرأة من عائلة محترمة ، ولكن عند سؤالي عنها قبل الزواج أخبروني أنها كانت على علاقة حب مع شاب رافضي ، وأهلها لم يقبلوا لأنه رافضي ، وسألت زملاءهم من الثقات ، وقالوا : لا يوجد علاقة ، فقط يجلسون معا أمام الناس ، فقررت أن أتزوجها لكي أخلصها من الخطأ ، ولكن عند دخولي بها لم أجدها بكراً ، فاعترفت لي بأنه مارس معها الجنس ، ولكن دون ولوج ، فربما وهي لا تعلم دخل بها ، وهي كانت تائبة ، ونادمة ، فقررتُ أن أستر عليها لفترة ، وبعدها أطلقها ، ولكن حصل حمل ، فماذا أفعل ، والعشيق أعرفه ، ويعرفني ، أنا أموت من الغيظ ، علماً أني ملتزم ، وحججت البيت ، ومن عائلة صوَّامة ، قوَّامة ، على السنَّة .
الجواب
الحمد لله.
الذي فهمناه من السؤال أن الحمل منكَ أنت ، والظاهر أن علاقتها بذلك الرافضي
وممارسته للجنس معها قد أعقبها فترة ، حاضت بها ، وزيادة ، فإن كان الواقع غير ما
فهمنا : فأعد مراسلتنا بتوضيح الصورة ، وإن كان ما فهمناه صحيحاً مطابقاً للواقع :
فالعقد الذي تم على زوجتك شرعي ، والحمل في بطنها منك أنتَ ، لا من ذلك الخبيث.
وجوابنا على سؤالك :
أن عليك أن تنظر في توبة زوجتك ، وندمها ، وصلاح حالها ، فإن رأيتها على حال طيبة
من ذلك كله : فافتح معها صفحة جديدة ، بيضاء نقية ، وأبقها في عصمتك ، واجعل ما حصل
معها درساً لها ، حتى تعرف فضل الله عليها بأن سخر لها رجلاً شهماً مثلك ليستر
عليها ، ودرساً لها لتجنب بناتها أن يقعن فيما وقعتْ هي فيه من درن تلك المعصية ،
وتربيهم على ما تحب من الطهر والعفاف ، وتصون فيهن ما خسرته من نفسها ، بكيد
الشيطان .
وإن لم ترَ منها توبة صادقة ، وندماً أكيداً على ما فعلت ، ولم تر نفسك قابلة للصفح
عنها ، وأنت غير مستعد لفتح صفحة جديدة معها بالكلية : فطلِّقها ، ولو كانت حاملاً
منك ، وهو خير من تعذيب نفسك برؤيتها ، ورؤية عشيقها السابق ، وخير لها من سوء
معاملتك ، ودوام نظراتك المريبة لها .
مع تنبيهك بأنه إذا اخترت الخيار الأول : أنك تؤجر أجراً كريماً ، إن شاء الله ،
فأنت تكون أعنتها على توبتها ، وصلاح حالها ، وتكون سترت عليها ستراً كاملاً ،
وفرَّجتَ عنها كربة عظيمة ، ويسَّرت عليها عسيراً شديداً ، وأنت موعود بوعد عظيم
على فعلك هذا من رب العالَمين ، في وقت أحوج ما تكون لهذه الإعانة ، وذلك الأجر .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ
نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ
كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ
اللَّهُ عَلَيْهِ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ
اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَاللَّهُ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ
الْعَبْدُ فِى عَوْنِ أَخِيهِ ) . رواه مسلم
( 2699 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
في هذا فضل إعانة المسلم ، وتفريج الكُرَب عنه ، وستر زلاته ، ويدخل في كشف الكربة
، وتفريجها : مَن أزالها بماله ، أو جاهه ، أو مساعدته ، والظاهر : أنه يدخل فيه من
أزالها بإشارته ، ورأيه ، ودلالته .
وأما الستر المندوب إليه هنا : فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ، ونحوهم ، ممن
ليس هو معروفاً بالأذى ، والفساد ، فأما المعروف بذلك : فيستحب أن لا يستر عليه ،
بل تُرفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة ؛ لأن الستر على هذا يطمعه في
الإيذاء ، والفساد ، وانتهاك الحرمات ، وجسارة غيره على مثل فعله ، هذا كله في ستر
معصية وقعت ، وانقضت . " شرح مسلم " ( 16 /
135 ) .
ونسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه ، وأن يمن على زوجتك بالتوبة الصادقة ، وأن
يرزقكما ذرية طالحة طيبة .
والله أعلم