زوجها طبيب نفسي يعالج النساء مع وجود طبيبة
هل يجوز لزوجي معالجة النساء لأنه طبيب نفسي مع العلم بوجود طبيبة يمكنها القيام بذلك ؟ أرجوكم أفيدوني لأنه دائما يتهمني بالغيرة ، وأنا والله أريد أن أعرف الحلال من الحرام ، وأكون أنا وهو على الطاعة دائماً .
الجواب
الحمد لله.
الأصل أن يكون علاج المرأة على يد طبيبة ، لما يقتضيه العلاج من نظر وفحص ، لكن إذا
دعت الحاجة إلى ذهاب المرأة إلى طبيب ، كما إذا لم يوجد غيره ، أو كان أمهر وأحذق ،
فلا حرج حينئذ ، وعلى الطبيب أن يراعي ما يلي :
1- عدم الخلوة مع المريضة ، فيشترط حضور محرمها معها ، كأب أو أخ أو زوج ، وإن حضرت
مع امرأة تحصل بوجودها الحشمة ، كأمها مثلا ، فلا حرج ، لأن الخلوة تنتفي بذلك.
2- ألا ينظر إلا لما تدعو إليه الحاجة ، وأن يتقي الله تعالى في ذلك ، ويوقن بأن
الله يراه ، ويحصي عمله .
3- ألا يمس من بدنها إلا ما تدعو إليه الحاجة في الفحص ، وإن أمكن الفحص مع حائل
على اليد ، لزمه ذلك .
4- أن يقتصر كلامه مع المريضة على قدر الحاجة .
فإذا راعى زوجك هذه الأمور ، فلا حرج عليه في معالجته للنساء .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم ذهاب المرأة إلى طبيب يعالجها مع وجود
طبيبة في نفس الاختصاص؟
فأجاب : "إذا كان الاختصاص واحداً والحذق (المهارة) متساوياً بين الرجل والمرأة فإن
المرأة لا تذهب إلى الرجل ، لأنه لا داعي لذلك ولا حاجة ، أما إذا كان الرجل أحذق
من المرأة ، أو كان اختصاصه أعمق فلا حرج عليها أن تذهب إليه ، وإن كان هناك امرأة
؛ لأن هذه حاجة ، والحاجة تبيح مثل هذا " انتهى من "فتاوى علماء البلد الحرام" (ص
693).
ومن قرارات مجمع الفقه الإسلامي : " الأصل أنه إذا توافرت طبيبة متخصصة يجب أن تقوم
بالكشف على المريضة ، وإذا لم يتوافر ذلك فتقوم بذلك طبيبة غير مسلمة ثقة ، فإن لم
يتوافر ذلك يقوم به طبيب مسلم ، وإن لم يتوافر طبيب مسلم يمكن أن يقوم مقامه طبيب
غير مسلم . على أن يطّلع من جسم المرأة على قدر الحاجة في تشخيص المرض ومداواته ،
وألا يزيد عن ذلك ، وأن يغض الطرف قدر استطاعته ، وأن تتم معالجة الطبيب للمرأة هذه
بحضور محرم أو زوج أو امرأة ثقة خشية الخلوة " انتهى نقلا عن مجلة المجمع (ع 8، ج1
ص 49).
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (69859)
ثالثا :
غيرة المرأة على زوجها أمر محمود ، يدل على حبها له ، لكن إن زادت أضرت بها وبزوجها
.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يحصل بيني وبين زوجي خصام في أكثر الأحيان
وذلك بسبب غيرتي عليه ، فأنا أغار عليه وأراقب نظراته ، وإذا لمحت منه أي نظرة أو
اشتبهت فيها غرت عليه ، وهو يحتج عليَّ دائماً بأن الغيرة المحبوبة إلى الله هي
الغيرة في محارم الله ، وأما الغيرة التي تقع مني فهي تسبب الطلاق ، ولم أقتنع
بكلامه لأنني أعتقد أن من حقي أن أغار عليه حتى ولو لم يقصد، علماً أنه ملتزم ولا
أشك فيه، وجهني بما تراه وفقك الله ؟
فأجاب : "أوجه هذه السائلة أن تخفف من غيرتها ، وإلا فإن من طبيعة المرأة أن تغار
على زوجها ، وهذا دليل على محبتها له ، ولكني أقول : الغيرة إذا زادت صارت غبرة
وليست غيرة ، ثم تتعب المرأة تعباً شديداً ، لذلك أشير على هذه المرأة أن تخفف من
غيرتها ، وأشير على الرجل أيضاً أن يحمد الله على أن هيأ له امرأة صالحة تحبه ، لأن
هذا -أعني: التحاب بين الزوجين- مما يجعل الحياة بينهما سعيدة ، وإلا فإن الغيرة
أمر فطري لا بد منه . أرسلت إحدى أمهات المؤمنين إلى النبي عليه الصلاة والسلام
طعاماً في إناء ، وهو في بيت إحدى نسائه ، فلما دخل الخادم بالطعام والإناء فرحاً
به يهديه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، لكن من امرأة أخرى ، هذه المرأة التي هو
في بيتها غارت فضربت يد الخادم وسقط الإناء وتكسر وتبعثر الطعام ، ولكن الرسول صلى
الله عليه وسلم لم يوبخها ، بل قال: (غارت أمكم) أو كلمة نحوها ، أخذ الطعام
والإناء وأخذ طعام المرأة التي هو في بيتها وإناءها وقال: (إناء بإناء، وطعام
بطعام) وأرسله مع الخادم ، لأن الخادم إذا رجع وقال : إن المرأة هذه فعلت كذا وكذا
سوف تتكدر المرسلة ، فإذا جاءها إناء ضرتها وطعام ضرتها سوف تبرد ، وهذا من حكمة
الرسول عليه الصلاة والسلام. المهم أن الغيرة بين النساء أمر لا بد منه ، وأرى أن
من نعمة الله على الزوج أن تكون المرأة تحبه إلى هذا الحد ، ولكني أقول للمرأة :
خففي من الغيرة لئلا تشقي على نفسك وتتعبي ، وأقول للرجل : احمد ربك على هذه النعمة
،
ولا يزداد ذلك إلا رغبة في أهلك ومحبة لهم . أما مسألة الطلاق فلا تذكره أبداً عند
المرأة ، الرجل إذا ذكر الطلاق عند المرأة صار هذا الشبح أمام عينها نائمة ويقظانة
، وهذا غلط ، ولهذا من السفه أن بعض الناس يذكر كلمة الطلاق لامرأته ، حتى ولو
للتهديد . يا أخي : هددها بغير هذا ، تهددها بالطلاق فيبقى الشيطان دائماً يعمل في
قلبها حتى تؤدي النهاية إلى الفراق والعياذ بالله "
انتهى من "اللقاء الشهري" (31/13).
نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع .
والله أعلم .