مدينة يَسلم فيها من الفتن ويصلون فيها الجمعة قبل الزوال فهل يجب عليه الانتقال إليها ؟

28-02-2009

السؤال 125515

أعيش في مدينة تكثر فيها الفتنة ، وتقلّ فيها فرص العمل ، وتوجد مدينة تبعد عنّا حوالي ساعة ، لكنها مليئة بفرص العمل ، وفيها الإخوة الصالحون ، الأمر الذي يمنعني من الانتقال الى هذه المدينة هي أنهم يؤدّون صلاة الجمعة قبل دخول وقت صلاة الظهر , فقمت بنصحهم عن طريق إرسال فتوى من موقعكم تنص على أنه لا تجوز صلاة الجمعة إلا في فترة صلاة الظهر ، فما رأيكم ؟ وما حكم انتقالي للعمل هناك في هذه الحالة ؟ .

الجواب

الحمد لله.

قد بينَّا في جواب السؤال رقم ( 114859 ) اختلاف العلماء في وقت صلاة الجمعة ، وذكرنا أن جمهورهم على أن وقتها بعد زوال الشمس ، وهو وقت صلاة الظهر ، وخالف في ذلك بعض الحنابلة فذهبوا إلى أنه يمكن أداؤها قبل الزوال ، وذكرنا هناك عن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قوله بصحة صلاة من صلى الجمعة قبل الزوال بقليل ، وأن الأحوط لمن فعل ذلك أن يوافق الجمهور فلا يؤديها إلا بعد زوال الشمس .

وإنما ذكرنا لك ذلك أخي السائل لتعلم أن الأمر الذي يفعله المصلون في المدينة التي تذكرها ليس منكراً ، ولا بدعة ، وإن كنا نميل لقول الجمهور .

ولا شك أن بقاءك في مدينتك الحالية التي تكثر فيها الفتن : خطر على دينك ، ولا يمكن أن ننصحك بالبقاء فيها البتة ، بل ننصحك بأن تنضم لإخوانك الذين يعينونك على طاعة ربك ، وتحصن نفسك بينهم من فتن الدنيا ، والتي افتتن فئام بزينتها وبهرجتها ، مع ما في تلك المدينة من فرَص للعمل ، تعف بها يدك عن السؤال ، وتزيل عن نفسك همَّ البطالة .

وأما بخصوص الإخوة هناك وأدائهم صلاة الجمعة قبل الزوال : فيمكن أن تتلطف بنصحهم إن كنتَ بينهم ليقيموا الصلاة بعد الزوال ، وتكثف من نشاطك بينهم لإقناعهم ، وتبذل في ذلك طرقاً مختلفة ، كالاتصال بالعلماء ، وقراءة كلام أهل العلم ، وفتاواهم ، وإذا أصرَّ الإخوة هناك على الاستمرار بفعلهم : فيمكن أن تنصحهم بإيقاع الخطبة قبل الزوال ، وتحرِّي أن تكون صلاتهم للجمعة بعد الزوال ، وينبغي أن يعلموا أن هذا هو ما فهمه بعض الأئمة الحنابلة من مذهبهم ، لا أنهم يوقعون الخطبة والصلاة قبل الزوال ، بل قد ورد عن الإمام أحمد رحمه الله نفسه القول بموافقة الجمهور ، وأنه لا صلاة جمعة إلا بعد الزوال ! .

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله : " ونقل أبو طالب عنه – أي الإمام أحمد - ، قال : ما ينبغي أن يصلي قبل الزوال " .

" فتح الباري " لابن رجب ( 5 / 418 ) .

وينبغي أن يعلموا – كذلك – أن هذا هو قول جمهور الحنابلة .

قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله - :

وبكل حالٍ : فلا يجب فعلها إلا بعد الزوال ، على الصحيح من المذهب ، وعليه جمهور الأصحاب .

" فتح الباري " لابن رجب ( 5 / 419 ) .

وإن كان الذي ننصحك به هو الانتقال ـ كلية ـ من البلد الذي تعيش فيه ، إلى بلدٍ إسلامي تستطيع إظهار شعائر دينك فيه ، متى أمكنك ذلك .

وإن كنتَ أصلاً من أهل البلد الذي أنت فيه الآن : فالذي ننصحك به ، بل نراه واجباً عليك : هو الانتقال لتعيش في المدينة التي تأمن فيها على دينك بين إخوانك ، وما يفعلونه من صلاتهم للجمعة قبل الزوال ليس بعذرٍ لك لعدم الانتقال إليهم ، وما يفعلونه هو تقليد لمذهب معتبر ، ويمكنك التوصل معهم لتركه موافقة للجمهور ، بالتي هي أحسن ، فإن لم يطيعوك : فابحث عن مسجد آخر في هذه البلدة ، يقيم صلاة الجمعة بعد الزوال ، فصل معهم .

والله أعلم               

صلاة الجمعة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب