حكم مشاهدة الأفلام والمسلسلات العربية والأجنبية ، وحكم سماع الأغاني
هل مشاهدة المسلسلات ، والأفلام حرام أم حلال ؟ وأيضا سماع الأغاني هل هو حرام أم حلال ؟ .
الجواب
الحمد لله.
أوجب الله تعالى على المسلم أن يحفظ جوارحه عن فعل المحرمات ، وهذا الحفظ لتلك
الجوارح يدخل في شكر تلك النعَم الجليلة التي أنعم الله بها على عباده ، وقد توعَّد
الله تعالى مصرِّف تلك النعم في المعاصي بالوعيد الشديد ، ومن أهم تلك الجوارح :
سمعه ، وبصره ، وهما طريقاه إلى تلف قلبه ، وفعل الفواحش المنكرة ، والكبائر
المُردية ، وأعلمنا تعالى أنه سائلنا عن ذلك يوم نلقاه ، فقال تعالى : ( إِنَّ
السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً )
الإسراء/ 36 .
قال ابن القيم رحمه الله :
الجوارح السبعة وهي : العين ، والأذن ، والفم ، والفرج ، واليد ، والرِّجل : هي
مراكب العطَب والنجاة ، فمنها عطبَ مَن عطبَ بإهمالها ، وعدم حفظها ، ونجا مَن نجا
بحفظها ، ومراعتها ، فحِفْظها أساس كل خير ، وإهمالها أساس كل شر ، قال تعالى : (
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم )
النور/ 30 ... .
" إغاثة اللهفان " ( 1 / 80 ) .
وفي الجمع في الآية الكريمة بين غض البصر وحفظ الفرج إشارة إلى أن غض البصر سبب
لحفظ الفرج ، وأن إطلاق البصر ، سبب للوقوع في الفاحشة .
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال : (فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ،
وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ
وَيُكَذِّبُهُ ) .
وفي رواية لمسلم : ( فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ ، وَالأُذُنَانِ
زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلامُ ، وَالْيَدُ زِنَاهَا
الْبَطْشُ ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا ، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى ،
وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ ) رواه البخاري ( 6243 ) ومسلم ( 2657
) .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
ومحل الشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم ( فزنى العين النظر ) ، فإطلاق اسم الزنى
على نظر العين إلى ما لا يحلّ : دليل واضح على تحريمه ، والتحذير منه ، والأحاديث
بمثل هذا كثيرة معلومة .
ومعلوم أن النظر سبب الزنى ؛ فإنَّ مَن أكثر مِن النظر إلى جمال امرأة - مثلاً - :
قد يتمكن بسببه حبّها من قلبه تمكّنًا يكون سبب هلاكه - والعياذ باللَّه - ، فالنظر
بريد الزنى .
" أضواء البيان " ( 5 / 510 ) .
ثانياً:
ما يُشاهد في المسلسلات والأفلام والتمثيليات من تبرج النساء التبرج الفاضح ، ومن
ميوعتهن ، وتكسرهن ، ورقصهن ، وغنائهن : كل ذلك من المحرمات في دين الله تعالى ،
ومن أسهل الطرق لتربع الشيطان على قلب المشاهد ليسكن فيه ويفرِّخ ، ومن ثمَّ يستلم
زمام القيادة ، ليوجهه وأعضاءه حيث يكون سخط الرب تعالى .
والحديث السابق في (أن زنى العين النظر ، وزنا الأذن الاستماع) ينطبق على هذه
المشاهدات بلا ريب .
ولا ينبغي لأحدٍ أن يجادل في الآثار السيئة لتلك المسلسلات والأفلام على المجتمعات
عموماً ، وعلى الشباب والشابات خصوصاً ، حتى إن الممثل ليفتن المرأة المتزوجة
فتتعلق به ، وتهدم بيتها بيدها ، وحتى إن الشباب ليتعلقون بالممثلات الجميلات
فيتركون لأجل ذلك الزواج الحلال للبحث عن المتعة الحرام ، أضف إلى ما قد يكون في
تلك المعروضات من إخلال بالعقيدة الإسلامية ، وتعليم العنف ، وتسهيل الجريمة ،
والجرأة على شرب الخمور ، وصحبة الأجنبيات ، وغير ذلك من الآثار السيئة .
وانظر أجوبة الأسئلة : ( 3633 )
و ( 3324 ) و (
1107 ) و (
13003 ) ، حول حكم مشاهدة
التلفاز ، والأفلام العلمية ، وغيرها .
ومثل ما قلنا في المشاهَدات المحرمة نقول في المسموعات المحرَّمة ، فالأغاني
والمعازف التي ملأت الدنيا بما فيها من منكرات ، ودعوة لفعل الفواحش ، من الغرام
بالأجنبيات ، ومواعدتهن ، والتأوه على فراقهن لا شك في تحريمها .
وانظر في تحريم الاستماع للأغاني : جواب السؤال رقم (
5000 ) .
وبما سبق يُعرف أن الحكم الشرعي لسماع الموسيقى ، ورؤية الأفلام ، والمسلسلات ،
التي تعرض في القنوات العامة والخاصة : أنه لا شك في حرمة عرضها ، وحرمة مشاهدتها ،
واستماعها .
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم