الحمد لله.
بداية نسأل الله تعالى أن يجزيك خير الجزاء لحرصك على التباعد عن هدي الكافرين ، وخوفك من الوقوع في التشبه بهم ، وهكذا هو المؤمن ، يعتز بإيمانه وإسلامه ، ولا يرضى أن يكون تابعا مقلدا لمن غضب الله عليهم من اليهود والنصارى .
غير أن ما تفعله زوجتك وأخواتها ليس فيه محذور، فيما يبدو لنا ، وليس هو من التشبه المحرم إن شاء الله ؛ وذلك لأن تحديد يوم السبت بالزيارة ليس لأنه يوم عيد ؛ بل لأن هذا أرفق بهن ، وأنسب لظروف الأسرة ، حيث يتمكن الجميع ، بسبب العطلة ، من تلك الزيارة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فأما من فعل الشيء ، واتفق أن الغير فعله أيضاً ، ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه : ففي كون هذا تشبهاً نظر " انتهى.
" اقتضاء الصراط المستقيم " (ص/83) .
وقال أيضا :
" ما ليس في الأصل مأخوذاً عنهم لكنهم يفعلونه أيضاً ، فهذا ليس فيه محذور المشابهة ، ولكن قد يفوت فيه منفعة المخالفة ، فتتوقف كراهة ذلك وتحريمه على دليل شرعي وراء كونه من مشابهتهم ، إذ ليس كوننا تشبهنا بهم ، بأولى من كونهم تشبهوا بنا " انتهى.
" اقتضاء الصراط المستقيم " (ص/223)
فيتحصل من كلام ابن تيمية السابق في ضوابط التشبه المحرم أن تخصيص زوجتك وأخواتها زيارتهن في يوم السبت ليس فيه محذور شرعي ، لأسباب عدة :
1- أن زيارة الأرحام مشروعة في ديننا في كل وقت وحين ، وهي من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي سلفنا الصالحين في كل زمان ومكان ، ولا بأس بتخصيص يوم لها بحسب الظرف والوقت ، وهذا باتفاق العلماء .
2- الزيارات يوم السبت ليست من خصائص اليهود والنصارى ، ولا أمر مأخوذ عنهم ، بل هو أمر عام في كل البشر ، ولا تتميز به أمة دون أمة ، وإنما الذي من خصائص اليهود : أن يتخذ ذلك اليوم عيدا ، يحدث الناس فيه من مظاهر العيد ، ما لا يحدثون في غيره .
وقد سبق أيضا في جواب السؤال رقم : (21694) ، ورقم (108996) ذكر بعض ضوابط التشبه المحرم .
فإذا لم يكن ظاهر هذا الفعل منهن أنه تشبه بالكفار ، ولم يُخْش عليهن من ذلك : فلا بأس بتخصيص يوم السبت لمثل هذه الزيارة ، إذا كان هذا أرفق بهم ، وأنسب لحالهم .
وقد روى البخاري (1193) ومسلم (1399) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ـ رضي الله عنهما ـ كَانَ يَأْتِي قُبَاءً كُلَّ سَبْتٍ ، وَكَانَ يَقُولُ : ( رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ ) .
والخلاصة : أنه إذا كان تخصيص يوم السبت بالزيارة هو الأرفق بهن ، فلا بأس به إن شاء الله ، ولا يظهر فيه محذور؛ وإذا ساعدت ظروفهن على تخصيص يوم آخر ، سوى السبت والأحد ، أو تبديلها كل مرة : فهو أحوط لهن ، وأبعد عن الشبهة ، وأظهر في المخالفة للكفار في عيدهم .
والله أعلم .