جاءني هذا الحديث على البريد الإلكتروني ، وأرجو بيان صحته ، وكذلك - جزاكم الله خيرا - كيف يتأكد المسلم من الأحاديث التي تصل إليه ، مع كثرة الأحاديث التي ترد إلينا عبر الشبكة العنكبوتية ، وها هو الحديث : ( بينما رجل من أهل الجنة يتنعم فيما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ؛ وإذا ببرق يضيء في الجنة ، وهو من حورية من حوريات الجنة ، يتنعم معها . قـال فيرفع رأسه ، فإذا بحورية أجمـــل من التي بين يديه ، وإذا بها تقول : يا ولي الله أما لنا فيك جولة ؟..أما لنا فيك نصيب ؟...يقول : بالله من أنت؟!...قالت : أنا ممن قال الله فيهن : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) .. وكل ما في الجنة مذلل لأهلها ، فيطير بسريره إليها ، فيأتيها فإذا بنورها سبعين ألف ضعف نور الحورية التي كانت بين يديه هناك ، فيعجب ، ويقول : لم ؟!...قالت : لأني صليت وصمت وعبدت الله ، أنا من نساء أهل الدنيا ، لم أتزوج بالدنيا ، فأنا أعرض نفسي عليك ، قال : وهل أنت لي ؟! قالت : نعم جزاء من الله لك ، وجزاء من الله لي ، فيعتنقا أربعين عام لا تمله ولا يملها........تقف بين يديه وفي رجليها خلخال من ياقوت ، إذا مشت سمع من خلخالها صفير صوت كل طير في الجنة...
الحمد لله.
أولاً :
هذا الحديث لم نره في كتب السنة ، ولم نقف له على سند ولا أثر ، والغالب أنه حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد وضع الكذابون كثيرا من الأحاديث في وصف الجنان ووصف الحور العين .
أما ذكر ابن الجوزي له في كتابه " بستان الواعظين ورياض السامعين " (ص/124-125) فلم يكن على سبيل رواية الحديث ، وإنما على سبيل التخييل للقارئ كي يتصور شيئا مما أعد الله لأهل الجنان ، وهذا كثير في كتب ابن الجوزي ، وإلا فهو يعلم رحمه الله أنه لا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك لم ينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما أنشأه من كلامه رحمه الله .
هذا ولم نقف على حديث صحيح في فضل المرأة التي تموت ولا زوج لها ، إلا ما جاء في الكتاب والسنة في فضيلة الصبر وعظيم أجر الصابرين ، والمرأة التي لا تتزوج وتحافظ على عفتها وطاعتها لربها هي من الصابرين المحتسبين إن شاء الله تعالى ، والله تعالى يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : المرأة إذا توفيت وهي لم تتزوج ماذا يكون مصيرها: هل تتزوج من الرجال الذين لم يتزوجوا في الجنة ؟
فأجاب :
"إذا كانت في الجنة - بارك الله فيك - ففي الجنة ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين , أنت إذا أوصلتها إلى الجنة فستلقى كل خير , إما أن تتزوج من أهل الدنيا , والجنة سيبقى فيها فضل عمن دخلها من أهل الدنيا , فينشئ الله لها أقواماً يدخلهم الجنة , فقد تتزوج من هؤلاء الأقوام , فطمئنها وقل : إن شاء الله تعالى إذا دخلتِ الجنة فستجدين ما يسرك من كل ناحية ، ودليل ذلك : (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) فصلت/31، أي : ما تطلبون" انتهى.
"لقاءات الباب المفتوح" (لقاء رقم/18/سؤال رقم/23) .
ثانياً:
بخصوص رغبتك في معرفة صحة الأحاديث التي تصل إليك ، فمن أفضل المواقع التي تنفعك في هذا موقع "الدرر السنية" على الرابط التالي:
http://www.dorar.net/enc/hadith
2- كما يمكنك الاستعانة بموقع " ملتقى أهل الحديث " على الرابط التالي :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/index.php?
فهذا الموقع مليء بمناقشات طلبة العلم المعاصرين حول كثير من الأحاديث ، وخاصة الأحاديث المكذوبة والموضوعة التي لا تجد لها ذكرا في كتب المتقدمين .
وحتى تكمل الاستفادة من هذين الموقعين ينبغي قراءة كتاب مختصر في علم "مصطلح الحديث" حتى يتمكن المسلم من فهم كلام العلماء في الحكم على الحديث ، لأن لهم مصطلحات خاصة لابد من معرفتها .
ومن أوضح الكتب في هذا كتاب "مصطلح الحديث" للطحان .
وأخصر منه كتاب "مصطلح الحديث" للشيخ ابن عثيمين .
والله أعلم .