الحمد لله.
النذر الذي يعلقه المسلم على حصول شيء له ، نذر مكروه ، نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم - بل ذهب بعض العلماء إلى تحريمه – ويظن بعض الناس أن هذا النذر يكون سبباً لحصول ما يطلبون ، وهذا الظن غير صحيح .
روى البخاري (6608) ومسلم (1639) – واللفظ له - عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ النَّذْرِ ، وَقَالَ : ( إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ ) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ) يعني أن النذر ليس سبباً لحصول الخير الذي يرجوه .
وقوله : َإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ) فيه ذم لهذا الناذر ، ووصفه بأنه بخيل ، لأن البخيل لا يخرج شيئاً من ماله إلا بمقابل يستوفيه أولاً ، وهذا الناذر قد فعل ذلك ، فإنه لا يتصدق حتى يحصل له مطلبه .
ونظر : "فتح الباري" (11/578-580) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" اعلم أن النذر لا يأتي بخير ولو كان نذر طاعة ، وإنما يستخرج به من البخيل ، ولهذا نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وبعض العلماء يحرمه ، وإليه يميل شيخ الإسلام ابن تيمية للنهي عنه ، ولأنك تلزم نفسك بأمر أنت في عافية منه ، وكم من إنسان نذر وأخيرا ندم ، وربما لم يفعل .
ويدل لقوة القول بتحريم النذر قوله تعالى : ( وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ) النور/53 ؛ فهذا التزام موكد بالقسم ، فيشبه النذر .
قال الله تعالى : ( قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ) النور/53 أي : عليكم طاعة معروفة بدون يمين ، والإنسان الذي لا يفعل الطاعة إلا بنذر ، أو حلف على نفسه يعني أن الطاعة ثقيلة عليه .
ومما يدل على قوة القول بالتحريم أيضا خصوصا النذر المعلق : أن الناذر كأنه غير واثق بالله عز وجل ؛ فكأنه يعتقد أن الله لا يعطيه الشفاء إلا إذا أعطاه مقابله ولهذا إذا أيسوا من البرء ذهبوا ينذرون ، وفي هذا سوء ظن بالله عز وجل .
والقول بالتحريم قول وجيه " انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (9/242) .
وأما إعطاء النذر لوالدك ، والصدقة عليه بها ، فإن كان عندك من الأموال ما تستطيعين به النفقة على والدك وسد حاجته ، وجب عليك ذلك ، وحينئذٍ لا يجوز لك دفع النذر إليه ، لأن نفقته واجبة عليك .
أما إذا كانت أموالك لا تكفي للنفقة عليه ، فلا حرج عليك من إعطائه النذر ، لأن سد حاجته في هذه الحالة أو بعضها أفضل من سد حاجة غيره ، وأما إخوانك وأخواتك فيجوز لك أن تعطيهم من النذر ما داموا محتاجين إلى المال ، لأن نفقتهم غير واجبة عليك في حال وجود الأب .
والله أعلم