الحمد لله.
نسأل الله أن يجزيك خيراً ، ويعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته
كفالة اليتيم لها منزلة في الدين ، وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا) وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى . رواه البخاري (6005) – واللفظ له - ومسلم (2983) .
ٍقال ابن بطال :
"حق على كل مؤمن يسمع هذا الحديث أن يرغب في العمل به ؛ ليكون في الجنة رفيقًا للنبي عليه السلام ولجماعة النبيين والمرسلين - صلوات الله عليهم أجمعين - ولا منزلة عند الله في الآخرة أفضل من مرافقة الأنبياء " انتهى .
"شرح ابن بطال" (17/260).
وكافل اليتيم : هو المربي له ، القائم بأمره من نحو نفقة وكسوة وتأديب وغير ذلك ، وليس من ينفق عليه فقط ، إنما الإنفاق بعض كفالته ، وجانب منها .
قال الحافظ في "الفتح" : " (كَافِل الْيَتِيم) أَيْ : الْقَيِّم بِأَمْرِهِ وَمَصالحه " .
وقال ابن علان :
" وذلك بالنفقة والكسوة والتربية والتأديب وغير ذلك ، قال في شرح مسلم وهذه الفضيلة تحصل لمن كفل اليتيم من مال نفسه أو مال اليتيم بولاية شرعية " انتهى .
"دليل الفالحين" (2/366) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" وكفالة اليتيم هي القيام بما يصلحه في دينه ودنياه : بما يصلحه في دينه من التربية والتوجيه والتعليم وما أشبه ذلك ، وما يصلحه في دنياه من الطعام والشراب والمسكن " انتهى .
"شرح رياض الصالحين" (ص 311) .
ومن كان ينفق على اليتيم ، وحصل له ما يمنع هذه النفقة ، وكان عازماً على استمرارها لولا هذا المانع ، فإنه يُرجى له أن ينال ثواب الصدقة ، وفضل الله تعالى واسع .
وقد روى البخاري (4423) ومسلم (1911) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ؟ قَالَ : (وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ، حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ) .
قال النووي :
" فِي هَذَا الْحَدِيث : فَضِيلَة النِّيَّة فِي الْخَيْر , وَأَنَّ مَنْ نَوَى الْغَزْو وَغَيْره مِنْ الطَّاعَات فَعَرَضَ لَهُ عُذْر مَنَعَهُ حَصَلَ لَهُ ثَوَاب نِيَّته " انتهى .
وقال الحافظ :
" وَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَرَضِ وَعَدَمُ اَلْقُدْرَةِ عَلَى اَلسَّفَرِ " انتهى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :و
" فَهَذَا وَمِثْلُهُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمَعْذُورَ يُكْتَبُ لَهُ مِثْلُ ثَوَابِ الصَّحِيحِ , إذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ أَنْ يَفْعَلَ , وَقَدْ عَمِلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ " انتهى .
"إقامة الدليل على إبطال التحليل" (2/437) .
وقال أيضا :
" مَنْ نَوَى الْخَيْرَ وَعَمِلَ مِنْهُ مَقْدُورَهُ , وَعَجَزَ عَنْ إكْمَالِهِ : كَانَ لَهُ أَجْرُ عَامِلٍ " انتهى .
"إقامة الدليل على إبطال التحليل" (5/463) .
وقال ابن القيم :
" قاعدة الشريعة أن العزم التام إذا اقترن به ما يمكن من الفعل أو مقدمات الفعل نُزِّل صاحبه في الثواب والعقاب منزلة الفاعل التام " انتهى .
"طريق الهجرتين" (ص 532) .
ونسأل الله تعالى أن يبارك لك في مالك ، وأن يتقبل منك .