هل من الخطأ رد السلام في الحمامات العامة بالرغم من أن الشخص قد لا يكون في هذه الحالة يقضي حاجته ؟
الحمد لله.
اتفق الفقهاء على كراهة إلقاء السلام على من هو في حال قضاء الحاجة ، كما تكره إجابته أيضا.
فعن أبي الجهم الأنصاري رضي الله عنه قال : (أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ) رواه البخاري (رقم/337) ، ومسلم (رقم/369) .
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلًا مَرَّ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبُولُ ، فَسَلَّمَ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ . رواه مسلم (رقم/370) .
وعَنْ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ : (إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ) رواه أبو داود (17) وصححه ابن حجر في " نتائج الأفكار " (1/205)، والألباني في "صحيح أبي داود" .
وقال ابن الهمام الحنفي رحمه الله :
" أجمعوا أن المتغوط لا يلزمه الرد في الحال ولا بعده ؛ لأن السلام عليه حرام , بخلاف من في الحمام إذا كان بمئزر" انتهى .
" فتح القدير " (1/248).
وقال النووي رحمه الله :
"قال أصحابنا : يكره السلام عليه [يعني: الذي يقضي حاجته] ، فإن سلم لم يستحق جواباً ، لحديث ابن عمر والمهاجر" انتهى .
"الأذكار" (ص/27) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (34/11) :
"ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى كراهة إلقاء السلام على المتغوط , وكره ذلك الحنفية أيضا , قال ابن عابدين : ويراد به ما يعم البول , قال : وظاهره التحريم " انتهى باختصار .
وبناء عليه : فمن دخل الحمامات العامة فلم يجد أحدا يتوضأ عند المغاسل فيكره له إلقاء السلام على من بداخل الغرف المعدة لقضاء الحاجة ، أما إن وجد بعضهم قد أنهى حاجته ، وشرع في الوضوء أو غسل اليدين في الأماكن المعدة لذلك : فلا حرج أن يسلم على هؤلاء ، ويجب عليهم أن يردوا السلام .
والله أعلم .