الحمد لله.
"لم يثبت في الشرع المطهر تحديد للمهور ، بل ما تراضى عليه الزوجان أو الزوج وولي المرأة من المهر فلا بأس قلَّ أو كثُرَ ، ولكن دلت السنة في أحاديث كثيرة على شرعية التقليل من المهور وعدم التكلف والمغالاة ، هذا هو السنة لما فيها من تشريع الزواج وإعفاف الشباب والفتيات وتسهيل هذا الأمر الشرعي ، فالمغالاة من أسباب تعطيل الرجال والنساء جميعاً ، لا من جهة المهور ولا من جهة الولائم .
والتساهل في المهور والولائم والتخفيف في ذلك والتيسير في ذلك هو الذي ينبغي ، وهو من أعظم الأسباب في تكثير النكاح وتقليل السفاح ، ومن أعظم الأسباب لعفة الرجال والنساء ، ومن أعظم الأسباب لكثرة الأمة ، فينبغي لكل مسلم أن يعتني بهذا وأن يحرص على التخفيف
والتيسير في المهور والولائم مهما أمكن ذلك .
وإذا اتفق الزوجان على مهر معين ولو كان كثيراً لزم على حسب الشروط ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : (إِنَّ أَحَقَّ الشَّرْطِ أَنْ يُوفَى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) متفق عليه .
فإذا شرط عليه مالاً معينا يدفعه عند الطلاق ودخل على ذلك لزم ، فإذا زَوَّجه على أن يدفع لها أولاً مثلاً خمسة آلاف وعند الطلاق عشرة آلاف أو عشرين ألفاً أو أكثر أو أقل فإنه يلزم ، ويكون المال المعين الأخير مؤجلاً إلى الطلاق ، ويلزم الزوج إذا طلق أن يؤديه ، إلا إذا سمحت المرأة الرشيدة بذلك وأعفته من ذلك فلا بأس ؛ لأن الله سبحانه يقول : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) البقرة/237 ، فإذا سمحت وعفت وطابت نفسها بشيء من المهر فلا بأس ، يقول الله عز وجل : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) النساء/4 .
فالمقصود أن الشروط التي تكون بين الزوجين في النكاح معتبرة ولازمة إذا كانت موافقة للشرع المطهر ، ومن ذلك شرط المهر المعين المعجل والمؤجل ، هذا هو الصواب" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1570) .