الحمد لله.
أولاً :
ليس تقديم القرابين مما يختص به الهندوس ، حتى يكون فاعله متشبهاً بهم ، بل لم يزل المؤمنون الموحدون يقدمون القرابين لله ، شكراً على نعمه ، وابتغاء مرضاته ، ففي قصة ابني آدم يقول الله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ) المائدة/27 .
فإذا كان الهندوس يقربون القرابين لألهتهم - وهي كثيرة ، ذكوراً وإناثاً - فإن المسلمين يقدمون القرابين لله الواحد الأحد .
ثانياً :
إذا كانت زوجتك قد تلفظت بالنذر ، فإذا رُزقت بطفل وجب عليها الوفاء بالنذر ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ) رواه البخاري (6696) .
أما إذا كانت زوجتك قد نوت الصدقة فقط ، ولم تتلفظ فهذا لا يعتبر نذراً ، لأن النذر لا ينعقد بمجرد النية ، بل لابد من اللفظ ، وحينئذٍ تكون مخيرة في هذه الصدقة ، فإن شاءت تصدقت ، وإن شاءت لم تتصدق .
قال النووي في "المجموع" (8/435) :
"هَلْ النذر يَصِحُّ بِالنِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، الصَّحِيحُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالْقَوْلِ , وَلَا تَنْفَعُ النِّيَّةُ وَحْدَهَا" انتهى باختصار .
وقال المرداوي في "الإنصاف" (11/118) :
"وَلَا يَصِحُّ – يعني النذر - إلَّا بِالْقَوْلِ . فَإِنْ نَوَاهُ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ : لَمْ يَصِحَّ بِلَا نِزَاعٍ" انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : رجل نوى بقلبه أن يصوم سبعة أيام متواليات ، ولم يستطع الإكمال ، فهل عليه شيء ؟
فأجابوا :
"النذر لا ينعقد إلا بالتلفظ به قاصداً له ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ) متفق على صحته . فمن نوى النذر ولم يتلفظ به فإنه لا يلزمه شيء" انتهى .
"فتاوى اللجنة" (23/302-303) .
ثالثاً :
ينبغي للمسلم إذا أراد أن يعبد الله تعالى بالصدقة أو غيرها أن يفعل ذلك بلا نذر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر .
روى البخاري (6608) ومسلم (1639) – واللفظ له - عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ النَّذْرِ وَقَالَ : (إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"اعلم أن النذر لا يأتي بخير ولو كان نذر طاعة ، وإنما يستخرج به من البخيل ، ولهذا نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وبعض العلماء يحرمه ، وإليه يميل شيخ الإسلام ابن تيمية للنهي عنه ، ولأنك تلزم نفسك بأمر أنت في عافية منه ، وكم من إنسان نذر وأخيراً ندم ، وربما لم يفعل .
ويدل لقوة القول بتحريم النذر قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ) النور/53 ؛ فهذا التزام موكد بالقسم ، فيشبه النذر ، قال الله تعالى : (قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) النور/53 أي : عليكم طاعة معروفة بدون يمين ، والإنسان الذي لا يفعل الطاعة إلا بنذر ، أو حلف على نفسه يعني أن الطاعة ثقيلة عليه .
ومما يدل على قوة القول بالتحريم أيضاً خصوصاً النذر المعلق : أن الناذر كأنه غير واثق بالله عز وجل ؛ فكأنه يعتقد أن الله لا يعطيه الشفاء إلا إذا أعطاه مقابله ولهذا إذا أيسوا من البرء ذهبوا ينذرون ، وفي هذا سوء ظن بالله عز وجل .
والقول بالتحريم قول وجيه " انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (9/242) .
والله أعلم