الحمد لله.
أولاً :
ينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه عن النذر ؛ لورود النهي عنه كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ( نَهَى عَنْ النَّذْرِ ، وَقَالَ : إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ ) رواه مسلم (1639) .
ولمزيد الفائدة ينظر جواب السؤال رقم (32724).
ثانياً :
الدين لا يسقط النذر ، فكلاهما حق ثابت لا يسقط أحدهما الآخر .
ومن اجتمع عليه ديون للآدميين ، وديون لله تعالى كالنذر والكفارة...، وضاق ماله ؛ بأن لم يسع جميع الحقوق ، فهل يقدم حقوق الله تعالى أو حقوق الآدميين ، فيه تفصيل ؟
فإن كان الدين مؤجلاً ولم يأت أجله ، قُدم النذر ؛ لوجوب النذر على الفور ، ولأن الدين المؤجل ليس لصاحبه المطالبة به ، حتى يحل الأجل ، فقدم النذرُ .
وإذا كان الدين غير مؤجل فقد اختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه يقدم الأسبق منهما ، إلا إذا كان النذر بشيء معين ، فإنه يقدمه ، ولو كان الدين هو الأسبق .
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "نور على الدرب" : إذا كان عليَّ دين لناس ، فهل الأول يسدد الدين أم يوفي النذر؟
فأجاب:
" إذا كان الدين سابقاً على النذر قدمه ، وإذا كان النذر سابقاً عن الدين قدمه ؛ لأن هذا يتعلق بالذمة ، وما كان متعلقاً بالذمة ، فإن انشغال الذمة بالأول ، فإنه يوجب أن تكون غير قابلةٍ بالانشغال بالثاني حتى يفرغ منه ، هذا إذا لم ينذر شيئاً معيناً ؛ بأن يقول هذه مثلاً لله علي نذر أن أتصدق بهذه الدراهم أو بهذا الطعام المعين ، فإنه في هذه الحال يُقدم النذر ؛ لأنه عينه وصار هذا الشيء المعين مشغولاً بالنذر " انتهى
وجاء في دقائق " أولي النهي " (1/398) : "لو أفلس حي ، وله أضحية معينة أو نذر معين ، فيخرج ، ثم دين برهن" انتهى. يعني : تقدم الأضحية المعينة والنذر المعين على الدين .
والذي يظهر لنا : أن نذرك هذا من النذر المعين ، فيجب تقديمه على الدين .
ثالثاً :
إن كنت عينت جهة لنذرك وجب عليك صرفه لتلك الجهة ، ولا يجوز لك العدول عنها إلا إذا تعذر الوصول إلى تلك الجهة ، وإن لم تكن حددت جهة ، فلك صرفه حيث شئت ويخص بذلك الفقراء والمساكين ...ولك أن تنفقه في أهلك وأقاربك إن كانوا فقراء...، والواجب عليك إخراجه نقوداً، ولا يجوز أن تشتري بها هدايا لهم .
قال النووي في "المنهاج" : "وإن نذر التصدق على أهل بلد معين لزمه" انتهى.
قال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (6/250 ) : " قد يفهم من كلامه أنه لا فرق في أهل البلد بين الغني والفقير .. وليس مراداً , فقد نص [الإمام الشافعي] في الأم على التخصيص بالمساكين" انتهى .
وفي "مطالب أولي النهى" (6/427) : "وإن نذرها [الصدقة] بمال ... يصرفه للمساكين ، ويجزئ لواحد ، كنذر" انتهى .
رابعاً :
متى تمكنت من الوفاء بنذرك وجب عليك الوفاء به فوراً من غير تأخير .
فقد نصَّ في "كشاف القناع" (6/279) على أنه يجب إخراج النذر فوراً .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : لقد نذرت الله - سبحانه وتعالى - نذراً وهو أن أصلى 10 ركعات إذا خفت رجلي من الألم ، والآن لا أدري أيجوز أن أصلي العشر ركعات كل يوم ركعتين إلى أن أتمها فيصبح إتمامهم بخمسة أيام ؟ أم يجب أن أصلي العشر في وقت واحد بمعنى في يوم واحد ؟
فأجاب :
" إذا وجد الشرط المذكور وهو خفة الألم ، فالواجب عليك الوفاء بالنذر فوراً فتصلي عشر ركعات في غير وقت النهي ، تسلم من كل ركعتين لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) ولقوله صلى الله عليه وسلم : (من نذرأن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه) رواه البخاري في صحيحه" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (23/166) .
والله أعلم