الحمد لله.
أولا :
السعي ركن من أركان الحج ، لا يتم الحج بدونه ، ولا يتحلل المحرم التحلل الأكبر حتى
يأتي به ، وأما التحلل الأصغر الذي يباح به كل شيء إلا النساء فيحصل بالرمي والحلق
، ثم إذا طاف المحرم وسعى تحلل التحلل الأكبر ، وحل له كل شيء .
والمفرد والقارن لا يلزمهما إلا سعي واحد ، فإن سعيا بعد طواف القدوم كفاهما هذا
السعي .
وأما المتمتع فيلزمه سعيان ، سعي لعمرته ، وسعي لحجه .
وعليه ؛ فإذا لم تكوني سعيت سعي الحج ، فأنت على إحرامك الآن ، لم تتحللي التحلل
الأكبر ، ولا يجوز لزوجك أن يجامعك حتى تتحلي بفعل السعي .
وأما عقد النكاح : فما دام قد وقع بعد التحلل الأول الذي يحصل بالرمي والحلق أو التقصير ، فإنه عقد صحيح على ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
قال الشيخ ابن عثيمين : " وهذا من الأمور التي ينبغي أن يسلك الإنسان فيها الاحتياط، فإذا جاءنا رجل ابتلي وعقد النكاح قبل أن يطوف طواف الإفاضة أو خطب امرأة قبل أن يطوف طواف الإفاضة، فنقول: لا تعد؛ لأن التحريم وإبطال العقد بعد أن وقع فيه صعوبة، ولكن لو جاءنا يستشير ويقول: هل تفتونني بأن أخطب أو أعقد النكاح وقد حللت التحلل الأول؟ فنقول له: لا " انتهى من "الشرح الممتع" (7/ 330).
وإن
كان قد وقع الجماع في هذه المدة عن جهل ، فلا شيء عليكما ، والأحوط أن تخرجي فدية ،
وهي ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين يعطى لفقراء مكة ، أو صيام ثلاثة أيام .
فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : أنا من سكان مكة حججت العام الماضي وطفت ولكن لم
أسع ، فما الحكم ؟
فأجاب : عليك السعي ، وهذا غلط منك ، ولا بد من السعي سواء كنت من أهل مكة أو من
غيرهم ، لا بد من السعي بعد الطواف بعد النزول من عرفات تطوف وتسعى ، فالذي ترك
السعي يسعى الآن ، وإذا كان أتى زوجته عليه ذبيحة يذبحها في مكة للفقراء ؛ لأنه لن
يحصل له التحلل الثاني إلا بالسعي ، فعليه أن يسعى الآن بنية الحج السابق ، وعليه
دم إن كان قد أتى زوجته " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (17/341) .
وقال رحمه الله - فيمن سافرت وقد بقي عليها من أشواط السعي - قال : "يجب عليكِ أن تعودي إلى مكة ، وأن تسعي سبعة أشواط بين الصفا والمروة بنية الحج السابق ، وعليك دم يذبح في مكة للفقراء إن كان لديكِ زوج قد جامعك ، فإن لم يكن لديك زوج أو لديك ولم يحصل جماع فليس عليك دم . وعليك أن تطوفي للوداع عند السفر من مكة " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (17/345) .
ثانيا :
وما دمت تنوين العمرة فإنك تحرمين بها من الميقات ، ثم إذا فرغت منها بالطواف والسعي والتقصير ، فإنك تأتين بسعي الحج .
وانظري جواب السؤال رقم (109368) .
ويلزمك عند الخروج من مكة طواف الوداع ؛ لأن وداعك الأول غير معتبر لوقوعه قبل الانتهاء من أعمال الحج .
ثالثا :
لا يلزم فعل شيء عن خالك ، ولا يقضى عنه ما فاته من السعي ، وهذا هو الصحيح فيمن مات في الحج سواء مات قبل التحلل الأول أو بعده .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : (فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا) ، دليل على أنه لا يقضى عنه ما بقي من نسكه ولو كان الحج فريضة خلافا لما ذهب إليه بعض أهل العلم ، وقالوا : إنه يقضى عنه ما بقي من النسك إذا كان الحج فريضة ؛ فإننا نقول ردا على هذا القول : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لهم : اقضوا عنه بقية النسك ، ولو كان قضاء بقية النسك واجبا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ ولأننا لو قضينا عنه بقية نسكه لفوتنا عليه فائدة كبيرة جدا ، وهي أنه يبعث يوم القيامة ملبيا ؛ لأنه لو قضي عنه بقية النسك لتحلل وانتهى من النسك ، فيكون في قضاء بقية النسك عنه إساءة للميت " انتهى من "الشرح الممتع" (5/ 286) .
والله أعلم .