الحمد لله.
وقد سئل علماء "اللجنة
الدائمة"(21/275):
كنت موقفاً سيارتي بجانب أحد بيوت أصدقائي، وقد هرولت السيارة ودهست طفلة تبلغ من
العمر ما يقارب سنة ونصفاً، وقد تنازل أهلها، ولكن حكمت بالسجن مدة شهر من قبل
المرور، علماً بأني قد تأسفت أسفاً شديداً والله الذي يعلم بذلك وخوفاً من الذنب
أرجو إفتائي عما أعمله، إما صيام أو صدقة، تخلصاً من الذنب الذي سيلحقني من الله
سبحانه، فإني أرجو التكرم برفع معروضي هذا عن طريق فضيلتكم إلى مفتي الديار
السعودية للتمكن من إكمال اللازم حيال ما سوف يقرر هذا، ومنتظر أمركم بما ترون،
وفقكم الله لعمل الخير وحفظكم.
فأجابوا: يجب عليك الكفارة؛ لأنك تعتبر أنت المتسبب في القتل لتفريطك بعدم تثبيت
وقوف السيارة، والكفارة هي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي...عبد العزيز بن عبد الله بن باز
وللاستزادة في أحكام الدية والكفارة ينظر جواب سؤال رقم (52809) ، (135380) ،
(143344).
ثانيا:
إذا كان الحال ما ذكر ، فلا إثم على صاحب هذه السيارة ؛ لأنه غير قاصد للقتل ،
وإنما أخطأ في فعله الذي ترتب عليه قتل النفس ، وقد عفا الله عن الخطأ ، فيما يتعلق
بالحق الذي بينه وبين عباده ( الإثم ) . قال الله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ
نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا
لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة/286. وقد أجاب الله تعالى
دعوة المؤمنين هذه فقال: ( قد فعلت ) رواه مسلم (126) من حديث ابن عباس رضي الله
عنهما.
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره(1/129): "..فإن المخطئ الذي لا يقصد القتل
غير آثم، ولا مجترئ على محارم الله، ولكنه لما كان قد فعل فعلاً شنيعاً ، وصورته
كافية في قبحه وإن لم يقصده ، أمر تعالى بالكفارة والدية فقال: ( ومن قتل مؤمنا خطأ
) " انتهى.
ثالثاً:
تستحب العقيقة عمن مات، ولم يُعق عنه.
قال النووي رحمه الله: " لو مات المولود قبل السابع استحبت العقيقة عندنا، وقال
الحسن البصري ومالك لا تستحب " انتهى "المجموع" (8/432)
وقال أيضاً رحمه الله: " لو مات المولود بعد اليوم السابع ، وبعد التمكن من الذبح :
فوجهان ؛ أصحهما : يستحب أن يعق عنه " انتهى من"المجموع"(8/412)
قال علماء "اللجنة الدائمة" (11/446) :" إذا مات المولود قبل اليوم السابع فإنه يعق
عنه في اليوم السابع، وموته قبل اليوم السابع لا يمنع من ذبحها في اليوم السابع؛
لأن الأدلة الشرعية الواردة في العقيقة الدالة على وقتها ، لا نعلم شيئا مثلها دالا
على سقوطها إذا مات قبل اليوم السابع، فإنها دالة بعمومها أنها تشرع بالولادة،
وتذبح في اليوم السابع، وهذا العموم يتناول الصورة المسئول عنها، ولا نعلم ما
يخرجها من هذا العموم كما سبق.
وتحديد اليوم السابع للذبح لا يؤخذ منه أن مشروعيتها لا تبدأ إلا في اليوم السابع،
فإن الولادة هي سبب طلب العقيقة، واليوم السابع هو الوقت الأفضل لتنفيذ هذا الأمر
المشروع؛ ولهذا لو ذبحها قبل السابع أجزأت، كما قال ابن القيم ومن وافقه من أهل
العلم " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" .
رابعاً :
ليس لأحد أن يَعق عن المولود، سواء كان حياً أو ميتاً إلا وليه، فإن كان مسافراً
فبالإمكان أن يوكل شخصاً يقوم بالذبح عنه ، أو يذبحها هو في مكانه الذي هو فيه بنية
العقيقة.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (30/278) : " ذهب الشافعية إلى أن العقيقة تطلب من الأصل
الذي تلزمه نفقة المولود بتقدير فقره , فيؤديها من مال نفسه لا من مال المولود ,
ولا يفعلها من لا تلزمه النفقة إلا بإذن من تلزمه ... وذكر المالكية أن المطالب
بالعقيقة هو الأب . وصرح الحنابلة أنه لا يعق غير أب إلا إن تعذر بموت أو امتناع ,
فإن فعلها غير الأب لم تكره ، ولكنها لا تكون عقيقة , وإنما (عق النبي صلى الله
عليه وسلم عن الحسن والحسين ) ; لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم " انتهى ، ينظر
"المجموع" (8/412) ، و"كشاف القناع " (3/25)
والله أعلم