ما رأيكم بكتاب " الاستعداد ليوم المعاد " المنسوب للحافظ ابن حجر العسقلاني ؟

07-08-2009

السؤال 136932

لدي كتاب بعنوان : " الاستعداد ليوم الجزاء " للشيخ ابن حجر العسقلاني ، يحتوي على أحاديث وآثار ، والمشكلة أن هذه الأحاديث والآثار غير مبين إن كانت صحيحة أم لا ، فهل لديكم معرفة بهذا الكتاب ، وكيف يتم التعامل معه ؟

الجواب

الحمد لله.

بعد البحث والتفتيش في أسماء مصنفات الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله ، لم نقف على كتاب له بهذا الاسم ، وقد بلغت كتب الحافظ نحوا من (273) كتابا ، جمع أسماءها وتكلم عليها الحافظ السخاوي في " الجواهر والدرر " (ص/660-695) ، ولم يذكر منها هذا الكتاب .

وقد حَذَّر بعض الباحثين المعاصرين مما في هذا الكتاب ، وبَيَّنوا كذب نسبته إلى الحافظ ابن حجر العسقلاني .

قال الشيخ مشهور حسن سلمان :

"الاستعداد ليوم المعاد : كتاب طبع منسوبا كذبا وزورا للحافظ ابن حجر العسقلاني ، وقد مر بي بيان هذا قديما في مجلة "الجامعة السلفية" ، ومع مرور الزمن تأكد لي ذلك بأدلة وشواهد ، أقواها وأغلاها ما نقله الحافظ ابن حجر نفسه في ترجمة إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حمويه الجويني ، صدر الدين ، أبو المجامع ابن سعد الدين الشافعي الصوفي (ت 722هـ) ، عن الإمام الذهبي قوله : "كان حاطب ليل ، جمع أحاديث ثنائيات وثلاثيات ورباعيات من الأباطيل المكذوبة" .

قلت (أي الشيخ مشهور) : وهذا وصف لكتاب الاستعداد ، وقد أنكر الدكتور شاكر محمود عبد المنعم نسبة هذا الكتاب لابن حجر لثلاثة أسباب ، هي :

الأول : أنه يخالف أسلوب ابن حجر في ذكر الأحاديث ، ومنهجه في تبيان أسانيدها ونقدها ومتونها والاختلاف فيها .

الثاني : لم يذكره مصدرٌ معاصرٌ لابن حجر ولا تلامذته .

الثالث : لا يوجد اسم المؤلف على المخطوط في غالب النسخ التي اطلع عليها .

وقد نبه على بطلان نسبة هذا الكتاب لابن حجر الأخ جاسم الدوسري حفظه الله، فقال:

ومما يحسن التنبيه عليه أن الكتاب المتداول بين الناس بعنوان " الاستعداد ليوم الميعاد " المنسوب تأليفه إلى الحافظ باطل النسبة إليه بلا شك ، ومن قرأه ورأى ما فيه من الأحاديث المكذوبة الموضوعة علم يقينا أن الحافظ منه بريء .

وقد كتب الشيخ عبد الرحمن الفاخوري حفظه الله مقالا نشره في مجلة " الجامعة السلفية " بالهند (حج 10/ عدد 3، ربيع الأول، سنة 1398هـ) بعنوان: " أما لهذه الأيدي من يقطعها " بَيَّن فيه بيانا شافيا بطلان نسبة هذا الكتاب إلى الحافظ ، فراجعه إن شئت الاستزادة ".

وقد رأيت بعد كتابة هذه الأسطر أن هذا الكتاب قد طبع طبعة جديدة عن دار التربية بالعراق بتحقيق عادل أبو المعاطي ، دون تاريخ ، في (142) صفحة من القطع الكبير .

وأثبت على غلافه أنه لابن حجر العسقلاني !! إلا أنه قد شكك في ذلك في تقديمه له (ص/9-11)، فذكر أنه قد واجهته في تحقيق الكتاب صعوبتان :

الأولى : نسبة الكتاب إلى العسقلاني .

الثانية : تخريج أحاديث الكتاب .

والذي يهمنا من كلامه ما قاله في الصعوبة الأولى ، فأفاد ما يلي :

أولا : أن كتب التراجم التي ترجمت للعسقلاني وذكرت مصنفاته لم تذكر من بينها هذا الكتاب على الإطلاق ، فلم يذكره السخاوي تلميذ العسقلاني في " الضوء اللامع "، وكذلك الشوكاني في " البدر الطالع " وإسماعيل باشا البغدادي في " هدية العارفين "، والزركلي في " الأعلام ".

ثانيا : رغم ذلك فإن هذا الكتاب طبع عدة مرات منسوبا إلى العسقلاني ، وهذه طبعاته :

الأولى : تحت عنوان " منبهات " لابن حجر العسقلاني ، عام (1312هـ) بالهند، أي من حوالي (95) عاما ، ومعها ترجمتها بالفارسية في (96) صفحة .

الثانية : تحت عنوان " منبهات " لابن حجر العسقلاني ، عام (1315هـ) باستنبول ، أي من حوالي (92) عاما .

الثالثة : تحت عنوان : " منبهات على الاستعداد ليوم المعاد " عام (1904م) مكتبة الشركة ، قزان ، أي من حوالي (82) عاما.

ولكن على الصفحة الأولى توجد عبارة : " وهو على ما قيل للشيخ شهاب الدين أحمد بن علي العسقلاني المتوفى سنة (852هـ)، وقيل لغيره ، وهو الأظهر ".

والعبارة الأخيرة توحي بالشك في نسبة الكتاب للعسقلاني ، ويؤيد هذا ما قاله حاجي خليفة في " كشف الظنون "، حيث نسب الكتاب " المنبهات على الاستعداد ليوم المعاد للنصح والوداد " لزين القضاة أحمد بن محمد الحجي ، ثم قال :

" جمع فيه أحاديث ونصائح من الواحد إلى العشرة ، مثنى ، وثلاث ، ورباع ، أوله : الحمد لله رب العالمين ... إلخ ، قال : هذه منبهات على الاستعداد ليوم المعاد " اهـ.

ثالثا : وتوجد لهذا الكتاب خمس نسخ مخطوطة في دار الكتب المصرية منسوبة للعلامة الشيخ أحمد بن محمد بن علي الحجري ، وأرقامها (21م، 36م، 213 مجاميع، 360 مجاميع، 8م مجاميع) ولكن لم يتيسر لي الاطلاع عليها ، وكذلك هناك مخطوطة ضمن مخطوطات المدرسة الحسنية بالموصل ، تحت رقم (27824) منسوبة لزين القضاة أحمد بن محمد .

رابعا : لقد حاولت الوصول إلى ترجمة أحمد بن محمد الحجري أو الحجي كما ذكر حاجي خليفة من كتابي " الأعلام "، و " معجم المؤلفين"، ولكن كليهما لم يذكره على الإطلاق ، وزاد الأمر صعوبة أن حاجي خليفة لم يذكر له تاريخ وفاة ، وإلا لرجعنا للكتب التي تترجم بتاريخ الوفاة ، وكذلك لم يذكره صاحب كتاب " هدية العارفين ".

ولذلك رأيت – وقد أكون مخطئا – أن أنسب الكتاب إلى العسقلاني كالنسخ المطبوعة التي أشرنا إليها ، وأرجو أن يوفقني الله في طبعة قادمة لتلافي هذه النقطة انتهى.

قلت (أي : الشيخ مشهور) : ولا شك في خطأ نسبة هذا الكتاب لابن حجر ، والأمر – إن شاء الله تعالى – ما ذكرنا آنفا عن ابن حجر نفسه ، من أن مؤلفه إبراهيم بن محمد والله أعلم" انتهى .

" كتب حذر منها العلماء " (2/326-330) .

والله أعلم

الحديث وعلومه
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب