الحمد لله.
بنات الأخت من ذوات الأرحام ، وقد اختلف في توريثهم ، والصحيح أنهم يرثون إذا لم
يوجد أحد من أصحاب الفروض أو العصبة .
وممن ذهب إلى توريثهم : علي وابن مسعود وابن عباس في أشهر الروايات عنه , ومعاذ بن
جبل وأبو الدرداء وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم ، وهو قول الحنفية والإمام
أحمد , ومتأخري المالكية والشافعية.
ينظر : "الموسوعة الفقهية" (3/54).
وأما كيفية توريث ذوي الأرحام ، فإنه ينزل الموجود منهم منزلة من أدلى به ، ويأخذ نصيبه من التركة ، ففي الحالة المذكورة في السؤال ، ينزل بنات الأخت منزلة الأخت ، ويأخذن نصيبها ، وهو النصف ، ثم يرد إليهن باقي التركة ، فيأخذن التركة كلها ، لأنه لا يوجد وارث غيرهن .
ولا شيء لأولاد ابن الأخت ؛ لأن القريب من ذوي الأرحام يسقط البعيد .
قال في "كشاف القناع" (4/456) : " فإن انفرد واحد من ذوي الأرحام أخذ المال كله ، لأنه ينزّل منزلة من أدلى به , فإما أن يدلي بعصبة فيأخذه تعصيبا ، أو بذي فرض فيأخذه فرضا وردا ... فإن كان بعضهم أي ذوي الأرحام أقرب من بعض , فالميراث لأقربهم ويسقط البعيد منهم كما يسقط البعيد من العصبات بقربهم , كخالة وأم أبي أم أو خالة وابن خال , فالميراث للخالة ; لأنها تلقى الأم بأول درجة بخلاف أم أبيها وابن أخيها . وكذا بنت بنت بنت وبنت بنت ابن المال لبنت بنت الابن ; لأنها تلقى الوارثة بالفرض , وهي بنت الابن بأول درجة " .
وعليه ؛ فالتركة كلها تكون لبنات الأخت ، تقسم بينهن بالسوية .
ولو كان أوصى لأولاد ابن أخته بما لا يزيد عن الثلث كان حسنا ؛ لما روى البخاري (5659) ومسلم (1628) أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : (يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنِّي أَتْرُكُ مَالًا ، وَإِنِّي لَمْ أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً ، فَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ ؟ فَقَالَ : لَا . قال : فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ ؟ قَالَ : لَا . قال : فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ : الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) .
والله أعلم .