الحمد لله.
أولاً :
كل ما يترتب على آثار الجناية فهو مضمون من الجاني ، سواء كانت على سبيل العمد أم الخطأ .
قال ابن قدامة المقدسي : " وسِرَايَةُ الْجِنَايَةِ مَضْمُونَةٌ بِلاَ خِلاَفٍ ، لأَِنَّهَا أَثَرُ الْجِنَايَةِ ، وَالْجِنَايَةُ مَضْمُونَةٌ ، فكَذَلِكَ أَثَرُهَا ". انتهى " المغني " (9/445) .
وبناء على ذلك ، لا يخلو صديقك بعد الحادث من حالين :
الأول : أن يستمر مرضه وتأثره بالحادث إلى وفاته ، ففي هذه الحال يلزمك تحمل مسئولية ما حدث سواء طالت المدة أم قصرت ؛ لأن وفاته وإن لم تكن وقت الحادث إلا أنها بسببه في ظاهر الأمر.
قال العيني : " وَكُلُّ مَا لَهُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ يُحَالُ عَلَيْهِ ، كَمَنْ جَرَحَ إنْسَانًا فَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ ، يُحَالُ بِمَوْتِهِ عَلَى الْجِرَاحَةِ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ ". انتهى " العناية شرح الهداية" (1 /156) .
وقال الكاساني : " السَّبَبُ الْمُفْضِي إلَى الشَّيْءِ يُقَامُ مَقَامَ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي أُصُولِ الشَّرْعِ ". انتهى " بدائع الصنائع " (16 /331) .
وجاء في " درر الحكام شرح غرر الأحكام " (6/3) : " وَلِأَنَّ الْجِرَاحَاتِ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَآلُهَا ، لَا حَالُهَا ، لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ إلَى النَّفْسِ ، فَيَظْهَرُ أَنَّهُ قَتْلٌ ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ الْأَمْرُ بِالْبُرْءِ ".
الثاني : أن يكون صاحبك قد استرد صحته وعافيته بعد إفاقته من الغيبوبة ، وعاد لحاله الطبيعي ، ثم توفى بعد ذلك .
ففي هذه الحال لا يلزمك شيء ؛ لأن الظاهر أن الوفاة بسبب آخر ، إلا أن يقرر الأطباء الثقات أن وفاته كانت من آثار ذلك الحادث .
ثانياً :
إذا تبين أن وفاته كانت بسبب الحادث ، وكان الحادث قد نجم عن خطأ منك فيلزمك دفع الدية كاملة لأهل صديقك ، مع الكفارة وهي صيام شهرين متتابعين.
وأما إذا كان الخطأ مشتركا بينك وبين سائق آخر فيلزمكم التشارك في الدية ( كلٌّ حسب نسبة خطئه ) ويلزم كل واحد منكم الكفارة .
ثالثا :
إذا كان الحادث بغير تقصير منك ، ولا إهمال : فليس عليك شيء ، لا الدية ولا الكفارة .
وانظر جواب السؤال رقم (52918) ورقم (30952) .
والله أعلم .