الحمد لله.
إذا مرض الرجل وصار عاجزاً عن أداء الحقوق الزوجية فيثبت لزوجته الحق في فسخ عقد النكاح ، ويكون لها جميع حقوقها ، لأن الفسخ في هذه الحال بسبب الزوج ، وليس بسبب منها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وَحُصُولُ الضَّرَرِ لِلزَّوْجَةِ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُقْتَضٍ لِلْفَسْخِ بِكُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ بِقَصْدٍ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ وَلَوْ مَعَ قُدْرَتِهِ وَعَجْزِهِ كَالنَّفَقَةِ وَأَوْلَى" انتهى .
"الفتاوى الكبرى" (5/481-482) .
وقال الشيخ ابن عثيمين عقب حكاية الخلاف في ذلك :
"والصحيح ما قاله الشيخ ؛ لأن كثيرا من النساء تريد العشرة مع الزوج ، وتريد الأولاد أكثر مما تريد من المال ، ولا يهمها المال عند هذه الأمور ..... فالصواب ما قاله الشيخ ـ رحمه الله ـ أنه إذا عجز عن الوطء لمرض وطلبت الفسخ فإنها تفسخ ، إلا إذا كان هذا المرض مما يعلم أو يغلب على الظن أنه مرض يزول بالمعالجة ، أو باختلاف الحال فليس لها فسخ ؛ لأنه ينتظر زواله " انتهى .
"الشرح الممتع" (12/154) .
وقال العدوي المالكي في "حاشيته" (2/80) :
"الطَّلَاقُ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ الْإِبَاحَةُ وَالنَّدْبُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْحُرْمَةُ وَالْوُجُوبُ . أَمَّا الْوُجُوبُ : بِأَنْ يَلْزَمَ عَلَى عَدَمِهِ الْإِضْرَارُ بِالْمَرْأَةِ كَأَنْ لَا يَجِدَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهَا أَوْ يَعْجِزَ عَنْ الْوَطْءِ مَعَ عَدَمِ رِضَاهَا بِذَلِكَ ..." انتهى .
وعلى هذا ، فإذا كانت الزوجة طلبت الطلاق من أجل تضررها بعدم قدرة زوجها على القيام بحقها في المعاشرة ، فذلك حق لها ، ولا يجوز للزوج في هذه الحالة أن يكرهها على التنازل عن حقوقها مقابل الطلاق .
أما إن كانت طلبت الطلاق من أجل أنها لا تريد أن تعيش مع رجل مقعد وليس لتضررها بترك المعاشرة ، فللزوج في هذه الحالة أن يأخذ منها مالاً أو يطلب منها التنازل عن حقوقها كلها أو بعضها مقابل الطلاق وهو ما يعرف باسم "الخُلع" .
فعليك النظر في حال زوجة أبيك ، فإن كانت طلبت الطلاق للسبب الأول فجميع حقوقها ثابتة ، ويجب أن ترد إليها .
وإن كانت طلبت الطلاق للسبب الثاني فالأمر صحيح على ما تم عليه .
والله أعلم