الحمد لله.
التبكير في الذهاب إلى المسجد يوم الجمعة من الآداب المهمة التي ينبغي العناية بها في هذا اليوم .
روى البخاري (881) ومسلم (850) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً ، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ) .
ولكن هذه السنة إنما هي في حق المأمومين ، أما الإمام : فقد كانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى الجمعة أن يأتيها بعد اجتماع الناس لها ، وعندما يحين وقتها ، فيخرج من بيته ويصعد المنبر ، ولم يكن من سنته التبكير لها .
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد " (1 / 429) :
" وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمهل يوم الجمعة حتى يجتمعَ الناسُ ، فإذا اجتمعوا ، خرج إليهم ، فإذا دخل المسجد سلَّم عليهم ، فإذا صَعِد المنبر استقبل الناسَ بوجهه وسلَّم عليهم ، ثم يجلِس ، ويأخذ بلالٌ في الأذان ، فإذا فرغ منه ، قام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى باختصار .
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1 / 266) :
" أما الإمام فيندب له التأخير إلى وقت الخطبة ، لاتباعه صلى الله عليه وسلم وخلفائه . قاله الماوردي ، ونقله في المجموع عن المتولي وأقره " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الحث على التبكير للجمعة إنما يكون للمأمومين فقط ، أما الإمام فإن السنة في حقه أن لا يأتي إلا عند صعوده إلى المنبر ، وما يفعله بعض الإخوة من أئمة الجوامع الذين يتقدمون إلى المسجد ، ويجلسون حتى يحين وقت الخطبة هو اجتهادٌ منهم ، لكنه اجتهادٌ غير مصيب " انتهى . "فتاوى نور على الدرب" (188 / 71) .
والله أعلم