حد الشارب وحكم السبالين

27-12-2009

السؤال 143669

قد منّ الله عليّ بمتابعة السنة حيث وفقني إلى إعفاء لحيتي . وأريد أن أعرف ما هو حدود الشارب لكي أخففه؟ فعندما أذهب لأقص من شاربي فإني أخشى أن آخذ بعضاً من شعر لحيتي، وإذا تركت أخاف أن أبقي من شعر الشارب فأفوّت السنة ، وهكذا . لذلك أريد أن ألتزم بالسنة تماماً؟ فما هي حدود الشارب على الوجه التي ينبغي للمسلم أن يحفّها؟

الجواب

الحمد لله.

الشارب : هو اسم للشعر الذي يسيل على الفم ، هكذا عرفه الفقهاء ، وينظر : "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" ص 308 ، "الموسوعة الفقهية" (25/ 316) .

ولا إشكال في أعلى الشارب وأسفله ، فإن هذا لا يشتبه أمره باللحية ، وإنما الذي يشتبه هما طرفا الشارب ، ويسميان : السُّبالان ، فمن الفقهاء من رآهما من الشارب كما هو قول الحنابلة ، وقولٌ للحنفية والمالكية ، ومنهم من رآه من اللحية كبعض الحنفية ، أو رآهما من الشارب لكن رأى عدم الحرج في تركهما كالشافعية .

والصواب هو القول الأول ؛ لورد الأمر بقص السبالين ، فقد روى أحمد (21780) عن أَبي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنْ الْأَنْصَارٍ بِيضٌ لِحَاهُمْ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، حَمِّرُوا وَصَفِّرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ . قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلَا يَأْتَزِرُونَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَسَرْوَلُوا وَائْتَزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ . قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَخَفَّفُونَ وَلَا يَنْتَعِلُونَ . قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَتَخَفَّفُوا وَانْتَعِلُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ . قَالَ : فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ وَيُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ . قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُصُّوا سِبَالَكُمْ وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ) والحديث حسنه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (13070) .

وروى ابن حبان (5476) والبيهقي في السنن عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ذُكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس فقال : (إنهم يوفون سبالهم ويحلقون لحاهم فخالفوهم) فكان ابن عمر يجز سباله كما تجز الشاة أو البعير . قال شعيب الأرنؤوط في تحقيقه : إسناده حسن . وقال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (6/333) : "وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات ، وفي معقل بن عبيد الله كلام يسير لا يضر" انتهى .

قال العراقي رحمه الله : "اختلفوا في كيفية قص الشارب هل يقص طرفاه أيضا وهما المسميان بالسبالين أم يترك السبالان كما يفعله كثير من الناس ؟ فقال الغزالي في إحياء علوم الدين : لا بأس بترك سباليه وهما طرفا الشارب ، فعل ذلك عمر رضي الله عنه وغيره ; لأن ذلك لا يستر الفم ولا يبقي فيه غمرة الطعام إذ لا يصل إليه" انتهى .

وروى أبو داود من رواية أبي الزبير عن جابر قال : كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة .

وكره بعضهم بقاء السبال لما فيه من التشبه بالأعاجم ، بل بالمجوس وأهل الكتاب ، وهذا أولى بالصواب ؛ لما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عمر قال : ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس فقال : إنهم يوفرون سبالهم ويحلقون لحاهم فخالفوهم . فكان ابن عمر يجز سباله كما تجز الشاة أو البعير. وروى أحمد في مسنده في أثناء حديث لأبي أمامة : فقلنا : يا رسول الله فإن أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب) , والعثانين جمع عثنون : اللحية" انتهى من "طرح التثريب" (2/77) .

وقال في "مطالب أولي النهى" (1/85) : "وسن قص شارب أي : قص الشعر المستدير على الشفة ، أو قص طرفه ، وحفه أولى نصا [يعني : نص عليه الإمام أحمد] . قال في " النهاية " إحفاء الشوارب : أن تبالغ في قصها , ومنه : السبالان , وهما : طرفاه , لحديث أحمد : (قصوا سبالاتكم ولا تتشبهوا باليهود)" انتهى .

وينظر : "حاشية ابن عابدين" (2/550) ، "مغني المحتاج" (6/144) ، "الموسوعة الفقهية" (25/322) .

كما ينظر للفائدة جواب السؤال رقم (103623) .

والله أعلم .

سنن الفطرة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب