الحمد لله.
أولاً : إنشاء الصناديق التعاونية العائلية لمساعدة المحتاجين والمتضررين من الأسرة ، أمر حسن لما فيه من الإعانة على البر والتقوى .
وينظر جواب السؤال (69905) .
ثانياً :
قد أحسنتم بجعل الاشتراك في هذا الصندوق اختياريا لا إلزامياً ، لأن إلزام الناس بدفع شيء من أموالهم دون موجب شرعي لا يجوز .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (14 / 359) عن المال الذي يجمع للصناديق الخيرية : " لا يجوز جمعه من القبيلة إجباراً ، بل من طابت نفسه بمبلغ من المال وأراد أن يدفعه فله ذلك ، ومن لم يستطع ، أو لم تطب نفسه بالمال ، فلا يُجبر على ذلك ".
ثالثاً :
لا يجوز فرض غرامة مالية على من يتأخر في دفع مبلغ الاشتراك السنوي لصندوق القبيلة الخيري ، وذلك لأمور :
الأول : أن فيه أخذ مال امرئ مسلم بغير طيب نفس منه ، لغير موجب شرعي .
قال الإمام ابن حزم الظاهري رحمه الله : " فلا يحل مال أحد بغير نص أو إجماع متيقن ، ولا يحل لأحد إيجاب غرامة لم يوجبها القرآن ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيتعدى بذلك حدود الله ، ويبيح المال المحرم ، ويشرع ما لم يأذن به الله تعالى ". انتهى من "المحلى" (6 / 186) .
الثاني : الاشتراك في الصندوق عمل خيري تطوعي ، ولا يصح إلزام الناس به من أصله ، فكيف تفرض غرامة على من يتأخر بالدفع ؛ إن معنى الاختيار والتطوع : أنه لا يلزمه شيء إذا لم يفعل ، وهذا يجعل الاختيار إجبارا ؛ والمشترك فيه متبرع فيما يدفعه لهذا الصندوق ، وله أن يرجع عن تبرعه ، وفي فرض غرامة عليه إلزام له بهذا التبرع !!
الثالث : فرض هذا النوع من الغرامات يعد من باب التعزير بالمال ، والتعزير بالمال من حق الحاكم الشرعي أو من ينوب عنه من القضاة وأصحاب الولايات ، على خلاف بين أهل العلم في أصل جواز التعزيرات المالية .
وقد سئلت اللجنة الدائمة عما اتفق عليه أفراد بعض القبائل من فرض غرامات مالية على من يفعل بعض الأمور .
فكان جوابهم : " هذا إجراء لا يجوز ؛ لأنه عقوبة تعزيرية مالية ممن لا يملكها شرعاً ، بل مرد ذلك للقضاة ، فيجب ترك هذه الغرامات ". انتهى "فتاوى اللجنة الدائمة" (19/252) .
ووجود من لا يلتزم بالدفع ليس عذراً في فرض هذه الغرامة ، وبالإمكان جعل الأولوية في الحصول على المساعدة من هذا الصندوق للملتزم بالدفع سنوياً ، وتقديمه على غيره .
والله أعلم .