طلق زوجته ثم كتب لها أنت حرة
أحد أفراد أسرتي لا يتمتع بعلاقة طيبة مع زوجته ، وقد تشاجرا مؤخرا وتلفظ الرجل بالطلاق لزوجته وبعدها أحضر ورقة قانونية كان مكتوباً عليها "أنت حرة في الذهاب عندما تشائين" ، وأثناء تسليمه الورقة لها قال لها : "من الآن فصاعدا أنت حرة من جانبي" .
والآن فإن كبار العائلتين يفكرون في رأب الصدع بينهما ، لكن قبل الشروع في ذلك نريد أن نتأكد إذا ما كانا لا يزالا زوج وزوجة وفقا للشريعة .
أرجو أن تسدونا النصح حول ما إذا كان الطلاق قد وقع بالفعل ؟ وأنا أرى أن هذه الأسرة تتبع المذهب الحنفي فأرجو أن يكون النصح والإرشاد وفقا لهذا المذهب .
الجواب
الحمد لله.
أولا :
الطلاق يقع باللفظ الصريح ، كقول الزوج : أنت طالق . ويقع بالكتابة وباللفظ غير
الصريح بشرط وجود نية الطلاق .
ومن الألفاظ غير الصريحة قول الزوج : " أنت حرة في أن تفعلي في نفسك ما تشاءين " ،
فلا يقع الطلاق بهذا اللفظ إلا إذا كان الزوج قد نوى به الطلاق ، فإن لم ينو الطلاق
لم يقع .
وينظر جواب السؤال رقم (120947) .
ثانيا :
إذا كان الزوج تلفظ بالطلاق الصريح ، ثم كتب هذه الورقة بنية إيقاع طلاق آخر أثناء
العدة ، دون مراجعته لزوجته من الطلاق الأول : فالطلاق الثاني يقع عند جمهور
الفقهاء ومنهم الحنفية . وينظر : بدائع الصنائع (3/ 134) ، البحر الرائق (3/ 334).
وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا الطلاق الثاني لا يقع ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله ، ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فالطلاق على هذا القول لا
يقع إلا بعد عقد أو رجعة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والقول الراجح في هذه المسائل كلها : أنه ليس
هناك طلاق ثلاث أبداً ، إلا إذا تخلله رجعة ، أو عقد ، وإلا فلا يقع الثلاث ، وهذا
اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو الصحيح " انتهى من "الشرح الممتع"
(13/94).
فعلى هذا القول لا يقع غير الطلاق الأول .
ثالثا :
قول الزوج عند تسليمه الورقة لزوجته : أنت حرة ، إن أراد به تأكيد ما في الورقة ،
فلا يقع به شيء . وإن أراد به طلاقا جديدا ، وقع الطلاق عند الجمهور ، ولم يقع عند
شيخ الإسلام ومن وافقه ؛ لأن الطلاق لا يقع إلا بعد عقد أو رجعة .
والمفتى به في هذا الموقع : هو قول شيخ الإسلام رحمه الله .
وعليه ؛ فإذا كان كتابة الطلاق والتلفظ به عند تسليم الورقة - على فرض وجود نية
الطلاق - إذا كان ذلك في عدة الطلاق الأول ، لم يقع ، ولا يحسب على الزوج غير
الطلقة الأولى ، وله أن يراجع زوجته إن كانت العدة باقية ، فإن انقضت العدة لم يرجع
لها إلا بعقد جديد ومهر جديد .
والله أعلم .