الحمد لله.
أولا :
لا حرج في كون المسجد تحت بناء ، أو فوقه بناء ، إذا أنشئ على هذه الصفة ابتداء .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (12/295) : " أجاز الشافعية والمالكية والحنابلة جعل علو الدار مسجدا دون سفلها , والعكس ; لأنهما عينان يجوز وقفهما , فجاز وقف أحدهما دون الآخر" انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : قمت بإنشاء منزل والنية معقودة قبل الإنشاء
على بناء مسجد تحت المنزل ، وقد اكتمل البناء وتحددت القبلة بناء وبنيت المراحيض
الخاصة بالمسجد واكتملت أعمال النجارة ، ولم يبق إلا الدهان ، وأخذ المسجد الشكل
الإسلامي ، وسمعت من البعض أن المسجد تحت المنزل لا يجوز ، وأوقفت السكن وتشغيل
المسجد منذ خمس سنوات إلى الانتهاء من الإفادة ، فما رأي سماحتكم حول بناء المسجد
تحت المنزل ؟ علما بأن هناك مساجد صغيرة غيره بنيت بجواره خلال هذه الفترة ، وتعددت
المساجد الصغيرة . أفيدوني جزاكم الله خيرا .
فأجابوا : "لا مانع من كون المسجد تحت السكن إذا كان المسجد والسكن بنيا من الأصل
على هذا الوضع ، أو أحدث المسجد تحت السكن ، أما إذا كانت إقامة السكن فوق المسجد
طارئة فإن هذا لا يجوز ؛ لأن سقفه وما علاه تابع له" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/220) المجموعة الثانية .
ثانيا :
الأصل هو تنفيذ الوصية وعدم تغييرها ما لم تشتمل على إثم ؛ لقول الله تعالى : ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/181 ، وفي جواز تغييرها إلى الأفضل خلاف .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " تغيير الوصية لما هو أفضل فيه خلاف بين أهل العلم : فمنهم من قال : إنه لا يجوز ؛ لعموم قوله تعالى : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ) البقرة/ 181 ، ولم يستثن إلا ما وقع في إثم فيبقى الأمر على ما هو عليه لا يغير .
ومنهم من قال : بل يجوز تغييرها إلى ما هو أفضل ؛ لأن الغرض من الوصية التقرب إلى الله عز وجل ، ونفع الموصى له ، فكل ما كان أقرب إلى الله ، وأنفع للموصى له ، كان أولى أيضاً ، والموصي بشر قد يخفى عليه ما هو الأفضل ، وقد يكون الأفضل في وقت ما غير الأفضل في وقت آخر ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز تحويل النذر إلى ما هو أفضل مع وجوب الوفاء به ...
والذي أرى في هذه المسألة : أنه إذا كانت الوصية لمعين ، فإنه لا يجوز تغييرها ، كما لو كانت الوصية لزيد فقط ، أو وقف وقفاً على زيد ، فإنه لا يجوز أن تُغير ، لتعلق حق الغير المعين بها .
أما إذا كانت لغير معين - كما لو كانت لمساجد ، أو لفقراء - فلا حرج أن يصرفها لما هو أفضل" انتهى من "تفسير القرآن للعثيمين" (4/256) .
وعلى هذا ، يجوز بناء المسجد منفرداً ، وسائر الأنشطة منفردة ، ويجوز جعلها كلها في بناء واحد.
والله أعلم .