الحمد لله.
أولا :
يجوز لمن كان في الرياض وقد عزم على الحج أن يزور أهله في الجنوب ، ثم إذا أراد الحج أحرم من ميقاتهم ؛ لما روى البخاري (1524) ومسلم (1181) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : (إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) .
فقوله : ( هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ) يدخل فيه الصورة المسئول عنها .
ثانيا :
وأما نية الحج فيراد بها أمران :
الأول : العزم على أداء الحج ، فهذه لا وقت لها ، فقد يعزم المسلم على الحج من أول العام ، وقد يعزم عليه قبل الحج بأيام .
وكثير من المسلمين ينوي أنه سيحج العام القادم ، أي قبل الحج بعام ، وهذا لا حرج فيه ، بل هو من الأمور المستحسنة ، لما فيه من العزم على فعل الخير .
الثاني : يراد بالنية الدخول في النسك ، فهذا لا يشرع إلا في أشهر الحج ، لا قبلها ، ويكون عند المرور بالميقات ، وإرادة الدخول في نسك الحج ، بالإحرام والتلبية .
وأشهر الحج هي : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة .
والإحرام بالحج قبل أشهره مكروه ، وفي صحته خلاف .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ( ومن أراد الحج , وقد دخل أشهر الحج , فإذا بلغ الميقات , فالاختيار له أن يغتسل ) قوله : ( وقد دخل أشهر الحج ) . يدل على أنه لا ينبغي أن يحرم بالحج قبل أشهره , وهذا هو الأولى , فإن الإحرام بالحج قبل أشهره مكروه ; لكونه إحراما به قبل وقته , فأشبه الإحرام به قبل ميقاته , ولأن في صحته اختلافا , فإن أحرم به قبل أشهره صح , وإذا بقي على إحرامه إلى وقت الحج , جاز . نص عليه أحمد ، وهو قول النخعي , ومالك ، والثوري , وأبي حنيفة , وإسحاق .
وقال عطاء , وطاوس , ومجاهد , والشافعي : يجعله عمرة ; لقول الله تعالى : ( الحج أشهر معلومات ) تقديره : وقت الحج أشهر , أو أشهر الحج أشهر معلومات . فحذف المضاف , وأقام المضاف إليه مقامه , ومتى ثبت أنه وقته , لم يجز تقديم إحرامه عليه , كأوقات الصلوات " انتهى من "المغني" (3/ 119).
والله أعلم .