الحمد لله.
ينبغي ـ أيها الأخ الكريم ـ أن نفرق هنا بين أمرين مهمين في هذه المسألة :
الأمر الأول : هو حكم هذه المراسلة التي تكون بين الشباب والفتيات ، والدخول في علاقات تعارف ، ومحادثة ، فهذا أمر محرم ، قد نبهنا على تحريمه في أجوبة عديدة ، يمكن مراجعتها في الموقع .
ولا يشفع لذلك أن يكون قصد أحد الطرفين ، أو كليهما البحث عن الفتاة المناسبة للزواج بها ، أو أن تبحث هي عن الرجل المناسب للزواج ، فإن هذا بحث في عالم مجهول ، لا يمكن التحقق فيه من أي شيء من المواصفات التي ينبغي على الخاطب أن يبحث عنها ، فضلا عما يعتري هذه الباب من عدم الجدية المطلوبة في أحيان كثيرة ، وعدم الصدق في الدلالة على ما عند كل طرف من المواصفات ، وأمور أخرى في هذا الباب ، يعرفها كل من ولجه .
والأمر الثاني : وهو في حال حدوث ذلك فعلا ، أي أنه قد بدأ في حلقة التعارف فعلا ، سواء كان ذلك عن جهل بتحريم هذه العلاقات ، أو أنه رأى أن القصد الحسن (طلب الزوج المناسب) مما يبيح ذلك ، أو أنه قد دخل ذلك كما يدخل أكثر الناس ، من غير أن يهتم بمعرفة ما إذا كان ذلك حلالا أو حرما ، أو انسياقا وراء هواه وشهوة نفسه ؛ فإذا سأل مثل هذا : هل بإمكانه أن يمضي في إتمام الزواج أم لا ؟
فالجواب : أننا لا ننصح ـ بصفة عامة ـ بمثل هذه الزواجات ، وذلك لأن عنصر الثقة بالمعرفة اللازمة للطرفين غير موجود ، وإنما هي معلومات يدلي بها كل طرف عن نفسه ، وربما تمكَّن الهوى وتعلق كل طرف بالآخر ، قبل أن يتحقق من صلاحيته للزواج ، أو وجود المواصفات اللازمة لنجاح ذلك .
لكن ـ مع ذلك ـ قد تكون هناك بعض الحالات ، يمكن القبول بإتمام الزواج فيها ، على الرغم من خطأ البداية ، فقد تكون هذه البداية عن جهل بالحكم كما قلنا ، أو زلة لا تمثل انطباعا عاما عن الشخصية ، وأمكن التحقق من المواصفات اللازمة في كل من الطرفين ، فهنا قد يكون من المقبول ـ في حالات بعينها ـ أن يتم الزواج الذي بدأ بهذه الصورة .
ويقوى السماح بذلك إذا كان قد حدث تعلق من الطرفين ، بحيث يصبح من الشاق افتراقهما ، فهنا ينصحان بالتوبة من هذه العلاقة المحرمة ، ويؤكد عليهما الاستقامة على أمر الله تعالى ، ثم لا حرج عليهما في إتمام هذا الزواج .
والله أعلم .