الحمد لله.
روى الإمام أحمد (17098) حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ بِابْنٍ لَهَا قَدْ أَصَابَهُ لَمَمٌ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ ) قَالَ : فَبَرَأَ ، فَأَهْدَتْ لَهُ كَبْشَيْنِ وَشَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا يَعْلَى خُذْ الْأَقِطَ وَالسَّمْنَ وَخُذْ أَحَدَ الْكَبْشَيْنِ وَرُدَّ عَلَيْهَا الْآخَرَ ) .
وهكذا رواه الحاكم (4232) والطبراني في "المعجم الكبير" (679) وهناد في "الزهد" (1338) ووكيع في "الزهد" (500) كلهم من طريق الأعمش به .
وقال البوصيري في "مختصر الإتحاف" (9/107) : " رواته ثقات " .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8 / 560) : " رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح " .
والمنهال بن عمرو لم يسمع من يعلى بن مرة رضي الله عنه ، لكن للحديث طرق متعددة عن يعلى بن مرة به .
فرواه أحمد (17115) من طريق مَعْمَرٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيِّ به .
ورواه أيضا (17097) من طريق عثمان بن حكيم قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن يعلى بن مرة به .
ورواه البيهقي في "دلائل النبوة" (2271) من طريق شريك عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده به بنحوه .
وله شاهد عند الطبراني في "المعجم الأوسط" (9112) من طريق عبد الحكيم بن سفيان عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن جابر بن عبد الله به .
وشاهد آخر رواه ابن أبي شيبة (32413) والدارمي (17) وعبد بن حميد (1053) والبيهقي في "الاعتقاد" (283) من طريق إسْمَاعِيل بْن عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بنحوه .
فهذه طرق كثيرة تدل على صحة الحديث وثبوته ، وقد قال ابن كثير رحمه الله بعد أن ساق بعضها : " هذه طرق جيدة متعددة " .
"البداية والنهاية" (6 / 154) .
وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" (3 / 144) : " إسناده جيد " .
وكل هذه الروايات ليس في واحدة منها أنه صلى الله عليه وسلم دعا لهذا الصبي فخرج منه الشيطان على هيئة الكلب الصغير .
وهذه الرواية عند الإمام أحمد في "مسنده" (2288) من طريق فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي هَذَا بِهِ جُنُونٌ وَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ عِنْدَ غَدَائِنَا وَعَشَائِنَا فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا ! فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدْرَهُ وَدَعَا ، فَثَعَّ ثَعَّةً ( يعني تقيأ ) وَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ مِثْلُ الْجَرْوِ الْأَسْوَدِ وَشُفِيَ .
وهكذا رواه الدارمي (19) والطبراني في "الكبير" (12460) وابن أبي شيبة (24046) من طريق فرقد السبخي به .
وهذا إسناد ضعيف ، فرقد هو ابن يعقوب السبخي البصري :
قال أيوب : ليس بشيء ، وقال يحيى القطان : ما يعجبني التحديث عنه ، وقال أحمد : رجل صالح ليس بقوي في الحديث ، لم يكن صاحب حديث ، وقال أيضا : يروي عن مُرّة منكرات ، وقال ابن معين : ليس بذاك ، وقال البخاري : في حديثه مناكير ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال يعقوب بن شيبة : رجل صالح ضعيف الحديث جدا ، وقال أبو حاتم : ليس بقوي في الحديث .
انظر : "الجرح والتعديل" (7 / 82) - "تهذيب التهذيب" (8 / 236-237) – "ميزان الاعتدال" (3 / 346) – "المجروحين" (2 / 205) – "الكامل" (6 / 27) .
والحديث بهذا السياق ضعفه الشيخ أحمد شاكر في "تخريج المسند" (4/136) والألباني في "تخريج أحاديث المشكاة" (5923) ، وقال ابن كثير :
" فرقد السبخي رجل صالح ولكنه سيء الحفظ " .
"البداية والنهاية" (6 / 177) .
وقال محمد المناوي في "تخريج أحاديث المصابيح" (5/225) :
" في سنده فرقد السبخي وقد ضعفوه " .
والخلاصة :
أن هذا الحديث صحيح بطرقه باللفظ الأول ، أما هذا السياق الذي فيه خروج الجرو من جوف الصبي بعد أن دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فلا يصح ؛ لتفرد فرقد السبخي به ، وهو ضعيف سيء الحفظ .
والله أعلم .