الحمد لله.
أولا :
اللواط كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب ، وقد أهلك الله بسببها قوم لوط ، ودمر عليهم قراهم ، وجعل عاليها سافلها ، لما في فعلهم من الارتكاس والانتكاس ومخالفة الفطرة .
لكنه كغيره من الذنوب ، يمكن أن يتوب منه الإنسان ، ويحسن عمله .
فإذا تاب فاعل اللواط فلا حرج - من حيث الأصل - في قبوله زوجا ، لكن يلزم مراعاة عدة أمور :
الأول : أنه لا يصح نكاح المرأة إلا بوجود وليها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (
لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ ) رواه أبو داود ( 2085 ) والترمذي (1101 ) وابن ماجه
(1881) من حديث أبي موسى الأشعري ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ
وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَإِنْ
دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنْ
اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ ) رواه أحمد ( 24417)
وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2709
فإذا لم يرض وليك بالنكاح ، فلا يسعك غير الامتثال ، ولا يعد امتناعه عن تزويجك عضلا منه ؛ لأنه لم يمنعك عن كفؤ ، بل منعك عن متهم بأقبح الخصال .
الثاني : أن حرص الإنسان على سلامة سمعته وسمعة بنته وأحفاده أمر معتبر ، فلأبيك أن يرفض هذا الزواج الذي قد يلحق الأذى بك وبأولادك ، فإذا كان الزوج معروفا بهذه الفاحشة ، فقد تعيّرين به ، أو يعيّر به أبناؤك ، وفي ذلك مفسدة ظاهرة . وما الذي يحمل الأب على الاقتران برجل كلما نظر إليه تذكر أنه من أشد الناس خسة ومهانة ؟ وأي تنغيص وتكدير أعظم من هذا ؟ ولهذا كان أكثر الناس يرفضون تزويج من عرف بهذا البلاء ، أنفة من الاقتران بهم ، وحذرا من كلام الناس ونظراتهم وانتقاداتهم ، وخوفا على مستقبل بناتهم .
الثالث : أن هذه الفاحشة تورث صاحبها أمراضا وأسقاما نفسية وبدنية ، مع ما تدل عليه من شذوذ الطبع وارتكاس النفس وظلمة القلب وفقدان الرجولة ، وعلى فرض توبته وإقلاعه فالبعد عن مثله أولى ، وقبول الزواج منه فيه نوع مخاطرة ، فقد يعود لبلائه ، وقد يقصر في حق زوجته لأنه اعتاد أن يؤتى ، نعوذ بالله من الخذلان .
الرابع : أن قد ورد في سؤالك : أن أباك تأكد من أنه " يمارس اللواط " وهذا يعني بقاءه واستمراره على هذا المنكر العظيم ، فإن كان الأمر كذلك فلا يحل الزواج منه .
الخامس : أنه ينبغي لهذا الإنسان إذا تاب وأناب ، أن يفارق البلد التي هو فيها ، ويعف نفسه في بلدة أخرى ، لينقطع عنه كلام الناس .
السادس : ينبغي لمن تقبل الزواج ممن كان هذا حاله أن تكون على حذر من سوء أفعاله ، فلا تعينه على أمر يتصل بالشذوذ أو يدعو إليه .
ثانيا :
لا يجوز للمرأة أن تقيم علاقة مع رجل أجنبي عنها ولو كانا عازمين على الزواج ؛ لما هو مستقر في الشريعة من تحريم النظر واللمس والخلوة والخضوع بالقول ، وكل هذه الآفات تجتمع في العلاقات المحرمة .
ثالثا :
لا يحسن بالمؤمنة أن تركن إلى وساوس الشيطان وتظن أنه لا يمكنها الزواج إلا بإنسان معين تعلقت به ، فإن هذا من الأوهام والأباطيل التي يبثها الشيطان في بعض النفوس ، ليوقعها في اليأس ، أو يحملها على ارتكاب الحرام .
وصاحبة الدين والعقل ينبغي أن تقيس الأمور بميزان الشرع والعقل لا بميزان العاطفة ، فإن الزواج ليس متعة ساعة ، بل حياة ممتدة ، وأسرة ، وبيت ، وأولاد ، وإذا لم يكن الزوج أهلا لذلك لم تجن المرأة غير التعاسة والشقاء .
والخلاصة في أمر الزواج ممن ابتلي بهذه الفاحشة :
أنه إن كان قد تاب منها ، وأقلع عنها نهائيا : فينبغي أولا التثبت من أمره ، ومن
حسن توبته ، وإغلاق أبواب تلك الفاحشة عنه ، مع عدم النصيحة بالاقتران به ، لمن عرف
حاله ، أو كان من أهل بلده .
وأما إذا لم تتحقق توبته فعلا ، ولم يتم التأكد من استقامة حاله في هذا الجانب ، فلا يجوز الزواج منه ، ولو كان يصلي ويصوم ، ويجب على الولي أن يمنع موليته من ذلك .
وينظر للأهمية : جواب السؤال رقم (10050) ، ورقم (5177) ، ورقم (38622) .
نسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح ، والذرية الصالحة ، وأن يصرف عنك كل شر وبلاء .
والله أعلم .