الحمد لله.
إذا لم تشتمل الأطعمة الصناعية والعقاقير الطبية على شيء ضار أو نجس ، فلا حرج في أكل الدجاج المغذّى بها ، إذا ذُبح ذبحا شرعياً ، من مسلم أو كتابي .
أما إذا كانت تلك الأطعمة والعقاقير ضارة بالإنسان ، بحيث تصيبه بالأمراض - مثلاً - حرم إطعامها للدجاج ، وحرم أكله ، لقول الله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة/195 . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) رواه ابن ماجه (2431) . صححه الألباني في "إرواء الغليل" (896) .
وإذا كانت تلك الأطعمة نجسة ، كلحوم الحيوانات الميتة ، أو الدم المسفوح . . ونحو ذلك مما قد يجعلونه في العلف ، فإنه ينظر فيه :
هل أكثر العلف يتكون من تلك النجاسات أو من الأشياء الطاهرة كالحبوب ونحوها ؟
فإن كان أكثر العلف طاهراً جاز أكلها ، ولا حرج في ذلك .
وإن كان أكثر علفها النجاسة (فهذه يسميها العلماء الجلالة) ولا يجوز أكلها حتى تحبس وتعلف طاهراً يطيب به لحمها .
قال في "كشاف القناع" (6/193) : " وتحرم الجلالة - وهي التي أكثر علفها النجاسة- ولبنها لما روى ابن عمر قال : ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن غريب . وصححه الألباني في "الإرواء" (2503) . . .
حتى تُحبس ثلاثا ، أي ثلاث ليال بأيامهن ؛ لأن ابن عمر كان إذا أراد أكلها يحبسها ثلاثا ، وتطعم الطاهر وتمنع من النجاسة ، طائرا كانت أو بهيمة ، إذ المانع من حلها يزول بذلك " انتهى بتصرف .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : إن الدجاج يغذونه بمأكولات مختلفة ، ومن بين هذه المأكولات: طحين لحوم الحيوانات الميتة ، وفيها لحم الخنزير ، فهل هذا الدجاج المغذى بهذا اللحم حلال أم حرام ؟ وإذا كان حراماً فما حكم بيضه ؟
فأجابت :
" إذا كان الواقع كما ذكر من التغذية ، ففي أكل لحمه وبيضه خلاف بين العلماء ، فقال مالك وجماعة : إن أكل لحمه وبيضه مباح ، لأن الأغذية النجسة طهرت باستحالتها إلى لحم وبيض ، وذهب جماعة منهم الثوري والشافعي وأحمد إلى تحريم أكلها وأكل بيضها وشرب لبنها إلا إذا غذيت بعد ذلك بطاهر ثلاثة أيام فأكثر ، فيحل أكلها وبيضها وشرب لبنها ، وقيل : إن كان أكثر علفها النجاسة فهي جلالة ، فلا تؤكل ، وإن كان أكثر علفها طاهراً أكل ، وقال جماعة بالتحريم ، لما رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الجلالة وألبانها .
والجلالة هي التي تأكل العذرة وسائر النجاسات ، والراجح القول بالتفصيل ، وهو الثاني فيما تقدم " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/377) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (11/298) :
" الجلالة هي التي أكثر علفها النجاسة .
وفيها قولان للعلماء : قول أنها حرام ، لأنها تغذت بنجس فأثر في لحمها .
والقول الثاني : أنها حلال ، وهو مبني على طهارة النجس بالاستحالة قالوا : إن هذه النجاسة التي أكلتها استحالت إلى دم ولحم وغير ذلك مما ينمو به الجسم ، فيكون طاهراً " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" الجلالة التي تأكل النجاسة قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبنها ، فإذا حبست حتى تطيب كانت حلالا باتفاق المسلمين ; لأنها قبل ذلك يظهر أثر النجاسة في لبنها وبيضها وعرقها فيظهر نتن النجاسة وخبثها ، فإذا زال ذلك عادت طاهرة ، فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (21/618) .
والله أعلم .