الحمد لله.
في كل يوم تطل علينا حكاية جديدة ، فيها من العظة والعبرة ما ينبغي أن نتأمل فيها ونستفيد منها ، وأول من يجب عليه أن يعي الدرس من تلك الحكايات هم أصحابها ، لكننا نجد كثيراً منهم يرفضون الاعتراف بالخطأ ، وينصبون أنفسهم ضحايا اعتداءات المعتدين ، ليخلوا جانبهم من المسؤولية .
الأخت الكريمة :
" الإنترنت " أكبر تجمع بشري عرفه التاريخ ، تختلط فيه جميع النزعات والتوجهات البشرية ، ويشارك فيه الناس من جميع البلاد والأديان والأعراق والأجناس ، فإذا لم نتعامل معه بالطريقة المناسبة أصابنا من شرره المستطير الشيء الكثير .
ومن قواعد التعامل السليم : " الدخول بقدر الحاجة " فلا يتجاوز المرء ما يحتاج إليه من تصفح أو بريد أو محادثة ؛ لأن المفاجآت السيئة التي يصنعها " قراصنة الإنترنت " كثيرة ، فكم سرقت من أموال ، وزورت أوراق ، ودمرت جهود ، واستغلت نفوس بسبب الخطأ في التعامل مع هذه الشبكة ، فهي نصيحة نقدمها لك ولجميع المسلمين ، نجد مصداقها في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ ) رواه الترمذي ( 2318 ) وابن ماجه ( 3976 ) وحسنه النووي والألباني وشعيب الأرناؤط .
ومِن تَرْكِ ما لا يعينكِ : المبادرة في تجنب كلِّ غريب ، وتجاوزِ كل ما لا تعرفينه في هذا العالم ، وليس الاسترسال معه ليأخذ ما يريد ، ثم إلى حيث لا ينفع الندم .
ونحن نحمد الله تعالى أن خلَّصك من استدراج ذلك المعتدي الآثم ، ولكن يجب عليك أن تدركي الخطأ الذي وقعت فيه ، وهو السماح له بمحادثتك وإضافتك مدة لا بأس بها ، وقد كان الواجب عليك حذف الاسم الغريب أول وهلة ، وعدم التذرع باحتمال كونه من معارفك أو أقاربك .
يقول ابن الجوزي - رحمه الله - :
"الدنيا فخ ، والجاهل بأول نظرة يقع ، فأما العاقل المتقي فهو يصابر المجاعة ، ويدور حول الحَبِّ .
والسلامة بعيدة ، فكم من صابر اجتهد سنين ثم في آخر الأمر وقع ، فالحذر ، الحذر .
" صيد الخاطر " ( ص 140 ) .
ولكننا نطمئنك بأن التخلص من هذا المعتدي الآثم أمر سهل ميسور بإذن الله ، فما عليك إلا إلغاء عنوانك القديم ، وتحذير صديقاتك من أي رسالة غريبة أو اسم مضاف جديد ، كي لا يكرر معهن ما حصل لك ، وبهذا تتخلصين من شره ، ولن يتمكن من الاتصال بك أو تكرار اعتدائه إن شاء الله .
وليس عليك في شأن " الصورة " حرج ولا بأس ؛ لأنه إن انقطع عن إمكان الإرسال إليك أو إلى صديقاتك فلن يتمكن من تهديدك بها ، وهي ليست وسيلة ضغط ولا تهديد أصلا ؛ لأنه لا يعرفك ولا يعرف مكانك ولا أهلك ، فكيف سيهددك بها ، وهو إن شوهها أو تلاعب بها فلن يضيرك شيئا بإذن الله .
وليكن فيما حصل لك في شأن الصورة عبرة لك ولغيرك من النساء اللاتي يتساهلن في أمر التصوير ، ويتناقلن صورهن عبر الإنترنت أو الجوال ، لتقع بين يدي من لا يخاف الله تعالى ، فيستغلها ويشوهها ويلحق الأذى بصاحبتها .
إذًا ، فالحل الأنسب لمشكلتك هو نسيانها ، وقطع كل وسيلة يمكن أن تذكرك بها ، واطلبي من صديقاتك حذف هذا العنوان القديم ، وحذف كل رسالة تصل منه ، أو من شخص غريب .
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! مَا النَّجَاةُ ؟ قَالَ : ( مْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ ) .
رواه الترمذي ( 2406 ) وحسَّنه ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وقد سبق في موقعنا بعض الإجابات التي تبين حكم المحادثة بين الجنسين ، ومنها : أجوبة الأسئلة : ( 7492 ) ، ( 13791 ) ، ( 26890 ) ، ( 45668 ) ، ( 66266 ) ، ( 82702 ) فانظريها .
والله أعلم