الجمع بين الصلاتين للمشقة والإرهاق والخوف من قيادة السيارة مع الحاجة للنوم
زوجي يعمل سائق و يستيقظ مبكراً كل يوم لصلاة الفجر قبل أن يخرج للعمل ، و صار وقت العشاء متأخر و هو يكافح في عمله و هو شاق جداً و يكون متعب جداً و يحاول أن يقيل بعد المغرب و لكن سرعان ما ننام جميعاً و في الغالب لا يستطيع الاستيقاظ إلا مع المنبه و أيضاً بدأ ينام أثناء القيادة نوم كامل و ذلك أنه ينام أقل من ست ساعات لذا فهل يجوز له أن يجمع المغرب و العشاء لأني أخشى عليه و على من يركب معه على الطريق .
الجواب
الحمد لله.
الأصل أن تصلى كل صلاة في وقتها المحدد لها شرعاً ، لقول الله تعالى : ( إِنَّ
الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ) النساء/103 . أي :
لها وقت محدد ، ولا يجوز الجمع بين الصلاتين إلا لعذر .
ومن الأعذار المبيحة للجمع : حصول المشقة .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن بلاد يتأخر فيها مغيب الشفق الأحمر الذي به
يدخل وقت العشاء ويشق عليهم انتظاره ؟
فأجاب بقوله : " إن كان الشفق يغيب قبل الفجر بوقت طويل يتسع لصلاة العشاء فإنه
يلزمهم الانتظار حتى يغيب إلا أن يشق عليهم الانتظار ، فحينئذ يجوز لهم جمع العشاء
إلى المغرب جمع تقديم دفعا للحرج والمشقة ، لقوله تعالى : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ
الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) ، ولقوله : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ
فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ( أن
النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء في المدينة
من غير خوف ولا مطر ) قالوا : ما أراد إلى ذلك ؟ قال : ( أراد أن لا يحرج أمته ) ،
أي : لا يلحقها الحرج بترك الجمع . وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح " انتهى
من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/ 206) .
وعليه : فإن كان زوجك يمكنه الاستيقاظ للصلاة بمنبه ، وممارسة عمله بأمان ، ولا يشق
عليه ذلك ، فليس له أن يجمع .
وإن كان لا يستطيع الاستيقاظ ، أو يترتب على استيقاظه قلة نومه ، وتعرضه لترك العمل
، أو لقيادة السيارة مع النوم ، فالذي يظهر جواز الجمع له ، لما في ذلك من المشقة ،
ولما ذكره الفقهاء من جواز الجمع لمن خاف التضرر في عمله ومعيشته التي يحتاج إليها
.
قال في "كشاف القناع" (1/ 496) : "ويعذر في ترك الجمعة والجماعة خائفٌ من ضرر في
ماله ، أو في معيشة يحتاجها , أو أَطلق الماء على زرعه أو بستانه , يخاف إن تركه
فسد ، أو كان مستحفَظا على شيء يخاف عليه الضياع إن ذهب وتركه , كناطور [الحارس]
بستان ونحوه ; لأن المشقة اللاحقة بذلك أكثر من بل الثياب بالمطر الذي هو عذر
بالاتفاق" انتهى بتصرف .
والله أعلم .