أنا الحمد لله ملتزمة ، وكنت أعرف أنه يجوز أن تحبَّ الفتاة صحابيّاً من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وتتمنى الزواج به أو بشخص مثله في الجنَّة ، ولكني أحب نبيّاً ! وأتمنى الزواج منه في الجنة ، مع معرفتي أن الأنبياء ذوو مقام عظيم عند الله ولن أبلغ هذه المكانة بأعمالي القليلة ، ولكن لن يدخل أحدٌ الجنة بعمله ولكن برحمة الله ، وعندما قالوا لي إن هذه الأمنية ستضيِّع عليَّ فرصتي في الزواج و" لا رهبانية في الإسلام " : أقول لهم : إني حتى لو تزوجتُ بإنسان ملتزم يتقي الله فيَّ فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ فإن مات عني وقدَّر الله ودخلت الجنَّة - إن شاء الله - فسوف ألتحق بزوجي في الدنيا وأنا كنت أحب نبيّاً ، ثم قيل لي : ربما هذا بسبب تأثير نفسي لأني كنت أشاهد هذا المسلسل عن قصة النبي يوسف عليه السلام ، وقالوا لي : ربما أحببتِ الشخصية التي قامت بالدور ! مع علمي أنه شيعي ، ولذلك كففت عن مشاهدتي للمسلسل .
وصل الأمر معي لدرجة أني أصبحت أمشي في الشارع وإن عُرضت عليَّ فتنة ما كالميل لأغنية مثلاً أقول لنفسي : " أنتِ زوجة نبي ! وزوجات الأنبياء أطهار لا يفعلون مثل هذا القذر " فتنصرف نفسي عنها ، فهل هذا جائز ؟ أفيدوني ، جزاكم الله خيراً .
الحمد لله.
أولاً :
سبق التعليق على مسلسل " يوسف الصديق " وبيان ما فيه من المآخذ الشرعية في جواب
السؤال رقم (63704).
ثانياً:
لا ينبغي لك – أيتها الأخت السائلة – التعلق بشخصية يوسف عليه السلام الحقيقية ،
ذلك التعلق الذي ورد في سؤالك ؛ حتى إنك لتريدين ترك الزواج من أجل ذلك ! بل هذا من
تلبيس إبليس عليك ، ولا نشك في أن ما قاله لك القائلون : من أن تعلقك الحقيقي لم
يكن بيوسف عليه السلام ، الذي لم تريه ، ولم تعرفي عنه كبير شيء ؛ وإنما كان بشخصية
هذا الشيعي الفاجر الذي تجرأ على مقام يوسف الصديق عليه السلام ؛ ولا شك ـ أيضا ـ
أن ما ذكرتِ هو صورة من التعلق المرضي المرفوض عقلا وشرعا ؛ والتعلق الحقيقي
بأنبياء الله الكرام ، إنما يكون بالإيمان بهم وبرسالتهم ، والتأسي بهديهم ، واتباع
طريقهم ؛ كما قال الله عز وجل : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ
اقْتَدِهْ ) الأنعام/90 ، ومن تمام هديهم الزواج الذي شرعه الله لعباده ، قال تعالى
: ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا
وَذُرِّيَّةً ) الرعد/38 .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – في فوائد قوله تعالى ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ
اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ) البقرة/ 35 - :
"ومنها : أن النكاح سنة قديمة منذ خلق الله آدم ، وبقيت في بنيه من الرسل ،
والأنبياء ، ومَن دونهم ، كما قوله تعالى : ( ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم
أزواجاً وذرية ) الرعد/ 38 " .
انتهى من "تفسير سورة البقرة " ( 1 / 130 ) .
ولأجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لرهط من الصحابة أرادوا أن يبالغوا في أمر
العبادة ، ويجتهدوا فيها : ( أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ
وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ
وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ) رواه
البخاري (5063) ومسلم (1401) .
وانظري جواب السؤال رقم ( 131761
) .
والخلاصة :
أن الواجب عليك ـ يا أمة الله ـ أن تتوبي إلى الله من ذلك التعلق المرضي ، وتلفتي
إلى ما أمرك الله ورسوله به ، ومن اتباع هدي الأنبياء ، والأخذ بسنة النكاح ،
وأسباب العفة ؛ وأما الجنة فلها شأن آخر ، فعليك بأسباب دخولها أولا ، ثم ليكن زوجك
فيها ما شاء الله لك أن يكون فيها .
واعلمي أنه ليس في الإسلام " رهبانية " ، فلا يحل لك ترك الزواج تعلقاً بأمنية
أخروية قد لا تتحقق ، فأي عقل ، وأي شرع يدعوك إلى ذلك ، أو يقبله منك ؟!!
وليشغل المسلم نفسَه وفكره وحياته بالعالي من الأمور ،
وليسعَ إلى الحرص على نيل أعالي المنازل في الآخرة ليكون مع النبيين والصدِّيقين
والشهداء والصالحين بحُسن اعتقاد وصلاح أعمال .
والله أعلم