ما صحة هذا الحديث :
قال صلى الله عليه وسلم : ( إن أخوف ما أتخوف على أمتي الإشراك بالله ، أما إني لست أقول يعبدون شمساً ولا قمراً ولا وثناً ، ولكن أعمالاً لغير الله ، وشهوة خفية )
رواه ابن ماجه .
الحمد لله.
هذا الحديث يروى عن الصحابي الجليل شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، أَمَا
إِنِّي لَسْتُ أَقُولُ يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا وَثَنًا ، وَلَكِنْ
أَعْمَالًا لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَشَهْوَةً خَفِيَّةً )
رواه ابن ماجه في " السنن " (رقم/4205) من طريق الحسن بن ذكوان ، عن عبادة بن نسي ،
عن شداد بن أوس به .
وهذا إسناد ضعيف بسبب الحسن بن ذكوان ، قال أبو حاتم : ضعيف ليس بالقوي . وقال
النسائي : ليس بالقوي . وقال ابن معين : ضعيف . وقال أحمد : أحاديثه أباطيل .
وذكروا عنه الوقوع في التدليس أيضا في إحدى المرات ، فأورده ابن حجر في المرتبة
الثالثة من مراتب المدلسين . وانظر : " تهذيب التهذيب " (2/276)
ثم إن في رواة الإسناد قبل الحسن بن ذكوان بعض أسباب الضعف أيضا .
وفيه علة أخرى وهي الشك في اتصال الحديث ، فقد تردد العلماء في سماع عبادة بن نسي
من شداد بن أوس وغيره من الصحابة .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" في سماعه – يعني عبادة بن نسي - مِن شداد نظر " انتهى.
" تفسير القرآن العظيم " (5/207)
ولذلك ضعف أهل العلم هذا الحديث ، كالمنذري في " الترغيب والترهيب " (1/55)،
والألباني في " ضعيف ابن ماجه ".
وأما متابعة عبد الواحد بن زيد للحسن بن ذكوان بلفظ أطول قريب - كما في " مسند
الإمام أحمد " (28/346)، و" المعجم الكبير " للطبراني (7/284)، و"مستدرك الحاكم "
(4/366) وقال : " هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه " انتهى. والبيهقي في " شعب
الإيمان " (9/154) - فهي متابعة مردودة لا تصلح لتقوية الحديث ، فإن عبد الواحد بن
زيد شديد الضعف متروك الحديث باتفاق ، ولذلك علق الذهبي في " التلخيص " على كلام
الحاكم قائلا : " عبد الواحد بن زيد متروك " انتهى.
ويغني عن هذا الحديث الأدلة المتواترة في تحريم الرياء
وقصد السمعة وجعل ذلك من الشرك بالله عز وجل ، وقد جمع كثيرا منها الحافظ ابن كثير
رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى
إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ
فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )
الكهف/110.
ومن أقرب ما جاء في الباب للحديث المذكور : ( إِنَّ
أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ . قَالُوا : وَمَا
الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الرِّيَاءُ )
رواه أحمد في "المسند" (5/429) وصححه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة ، وصححه
الألباني في "صحيح الجامع" (1555)
والله أعلم .