الحمد لله.
ثانياً:
نوصيكِ بالصبر على ما أصابك واحتساب مصيبتك عند خالقك ، والرضا بما قدَّره تعالى ،
فإنه سبحانه وتعالى الحكيم العليم ، ولا ينبغي لك فتح المجال لليأس من رحمة الله
والقنوط من رحمته أن يدخلا إلى نفسك ، واجعلي إيمانك بربك تعالى أقوى من كيد
الشيطان ومكره ، ومن أعظم ما يمكن أن يتطرق إليك في هذه المصيبة : أن تفكري في
التخلص من نفسك بالانتحار ؛ فإنك بذلك لا تتخلصين – على الحقيقة – من همومك وغمومك
بل أنت تزيدين فيها ؛ لأنك ستلقيْن ربك وقد خُتم لك بسوء وشرٍّ وفعل كبيرةٍ من
كبائر الذنوب ! فأي تخليص للنفس هذا والحال هو هذا ؟! .
وانظري – في حكم الانتحار – جوابي السؤالين (
70363 ) و (
111938 ) .
ثالثاً:
مع أن الخطب عليك جلل إلا أن هذا لا يمنعنا – أيضاً – من بيان ما يترتب على فعلك من
أحكام ، بعد تبيين أن المرجع في معرفة الخطأ على السائق من عدمه : إنما هو أهل
الخبرة من أهل الشرَط والمرور ، وبحسب ما ذكرتِ عن هؤلاء : فإنه يظهر أنه يترتب
عليك حكم " قتل الخطأ " ويترتب بذلك عليك أحكام ، وهي :
1. صيام شهرين متتابعين لا يُقطع إلا بعذر شرعي كمرض لا تستطيعين الصوم معه ،
وكسفَر ، وكحيض أو نفاس ، على أن تصام هذه الأيام التي تفطرين بها بعذر مباشرة بعد
انتهاء الشهرين من غير تأخير ، وإذا أفطرتِ يوماً بغير عذر : انقطع التتابع ولزمك
الرجوع للبداءة بالشهرين من جديد .
وصوم شهر رمضان لا يُحسب من الشهرين المتتابعين بلا خلاف ، بل ذهبت طائفة من أهل
العلم إلى عدم جواز أن يكون شهر رمضان بين شهري الصيام ، والصحيح : أنه يجوز ، وأنه
لا يَقطع التتابع ، ولو لم يُجعل بين الشهرين فهو أحوط .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قوله " فإن تخلله رمضان " : فإنه يصوم رمضان ؛ وذلك لأن أيام رمضان لا تصلح لغيره ،
فلو صام شهر شعبان ثم دخل رمضان : وجب عليه أن يصوم عن رمضان ، فإذا انتهى : فإنه
يُكمِّل من اليوم الثاني من شوال حتى يتم الشهرين .
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 13 / 270 ) .
وقال – رحمه الله - :
إذاً ثلاث حالات لا ينقطع فيها التتابع :
أ. إذا تخلله صومٌ يجب مثل رمضان .
ب. أو فطرٌ يجب كأيام الأعياد وأيام التشريق والمرأة في الحيض ، ومن كان مريضاً
يَخشى في صومه التلف أو الضرر أيضاً - على القول الراجح - .
ج. أو فطر لسبب يبيح الفطر ، كالسفر ، والمرض الذي يشق عليه الصيام فيه ، ولكنه لا
يضره .
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 13 / 274 ) .
2. ويلزم عاقلتك – وهم العَصَبة وارثين كانوا أو غير وارثين – دفع الدية لورثة
والدتك ، وهي ثَمن مائة من الإبل ، فإن لم يدفع أحد منهم : فتلزم الدية من مالِك
أنتِ .
3. والصحيح الراجح : أنكِ لا ترثين من والدتك مع الورثة لا التركة ولا الدية .
وانظري جوابي السؤالين ( 52809
) و ( 135380 ) .
ونختم بوصيتنا لك – مرة أخرى – بالصبر على ما أصابك ، ولا أحد يمكن أن يلومك على
حزنك على فقد الوالدة ، ولكن اللوم يوجَّه إليك في حال مخالفتك شرع الله في تصرفك
تجاه هذه المصيبة ، فلا تقنطي من رحمة الله ، وحافظي على دينك من الفتنة وعلى نفسك
من الهلاك ، وأكثري من الدعاء لأمك فإنها أحوج ما تكون له الآن ، وكوني سبباً في
اجتماع الأسرة ، وأحسني لزوجك وعاشريه بالمعروف ، واتركي لوم أهله والعتب عليهم ،
فالطريق أمامك طويل وهو يحتاج لنفس مطمئنة وقلب منشرح ، فكوني مثالاً حسناً لمن
أصابته مصيبة عظيمة فكان من الصابرين المحتسبين .
واقرئي في الصبر وثواب الصابرين جوابي السؤالين (
12380 ) و (
35869 ) .
واقرئي في فوائد الشدائد جواب السؤال رقم (
21631 ) .
والله أعلم