الحمد لله.
وفي النشرة خلل في الأدب مع الله تعالى في إطلاق وصف
لا يليق به ، أو تعبير لا يصح استعماله مع الله تعالى ، وذلك في تسمية لله تعالى "
واسطة " ، وهو ما يردده بعض العامة إذا سئل من واسطتك في تمشية معاملتك ، فيقول :
الله تعالى هو واسطتي ومع أن الظاهر من مقصود من يطلق هذه العبارة أنه ليس له واسطة
من الخلق ، وإنما اعتماده على الله ؛ فإن ذلك لا يمنع من أن يكون اللفظ خطأ مخالفا
، وباب مراعاة الشرع للألفاظ السليمة الشرعية ، في التعبير عن المعاني الصحيحة ،
باب واسع من معلوم .
وشأن الله تعالى أجل من أن يكون واسطة عند أحد من خلقه ، وفي هذا تشبيه له بخلقه ،
كما هو شأن هذه النشرة بعامة .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – عن نشرة
مشابهة لهذه وفيها من الأشياء المشتركة ما يقتضي التنبيه عليها ، وما فيها من كذب
ومخالفة للشرع .
سئل الشيخ - رحمه الله - : ما رأيكم في هذه الورقة التي تسمى " رحلة سعيدة " :
البطاقة الشخصية :
الاسم : الإنسان " ابن آدم " ، الجنسية : من تراب ، العنوان : كوكب الأرض ، محطة
المغادرة : الحياة الدنيا ، محطة الوصول : الدار الآخرة ، موعد الإقلاع : ( وما
تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت ) ، موعد الحضور : ( لكل أجل
كتاب ) .
العفش المسموح به : 1- متران قماش أبيض ، 2- العمل الصالح ، 3- دعاء الولد الصالح ،
4- علم ينتفع به ، 5- ما سوى ذلك لا يسمح باصطحابه في الرحلة.
شروط الرحلة السعيدة :
على حضرات المسافرين الكرام اتباع التعليمات الواردة في كتاب الله وسنة رسوله - صلى
الله عليه وسلم - .
" مزيد من المعلومات " يرجى الاتصال بكتاب الله وسنة رسوله الكريم .
ملاحظة : الاتصال مباشر ومجاناً ، لا داعي لتأكيد الحجز هاتف 43442 .
فأجاب - رحمه الله - بقوله :
رأيي في هذه التذكرة التي شاعت منذ زمن ، وانتشرت بين الناس ، ووضعت على وجوه شتى ؛
منها هذا الوجه الذي بين يدي ؛ وهذه الورقة تشبه أن تكون استهزاءً بهذه الرحلة ؛
وانظر إلى قوله في أرقام الهاتف : " 43442 " يشير إلى الصلوات الخمس : اثنين لصلاة
الفجر ؛ وأربعة أربعة للظهر ، والعصر ؛ وثلاثة للمغرب ؛ وأربعة للعشاء ؛ فجعل
الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين جعلها أرقاماً للهاتف ، ثم قال :
إن موعد الرحلة : ( وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت ) [
لقمان / 34 ] ، فنقول : أين الوعد في هذه الرحلة ؟! وقال : إن موعد الحضور : ( لكل
أجل كتاب ) [ الرعد / 38 ] ، فأين تحديد موعد الحضور ؟! والمهم أن كل فقراتها فيها
شيء من الكذب ؛ ومنها العفش الذي قال : إن منه العلم الذي ينتفع به ، والولد الصالح
، وهذا لا يكون مصطحباً مع الإنسان ؛ ولكنه يكون بعد الإنسان فالذي أرى أن تتلف هذه
التذكرة ، وأن لا تنشر بين الناس ، وأن يكتب بدلها شيء من كتاب الله أو سنة رسوله -
صلى الله عليه وسلم - حتى لا تقع مثل هذه المواعظ على سبيل الهزء ؛ وفي كتاب الله
وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما يغني عن هذا كله .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 2 / 328 - 330 ) .
والله أعلم