الحمد لله.
2- وقسم متعلق بغير البشر - أي : بما يكون في الأطعمة والحيوانات التركيبات الكيماوية وغير ذلك - .
أما القسم الذي يكون متعلقاً بغير البشر : فإن المسألة
فيه على السعة ، فلقد تقرر عند الزرَّاع قديماً أنواعاً من التركيبات الشجرية التي
تفرز لهم أصنافاً جديدة مرغوباً فيها أحياناً ، وذلك من غير نكير ، بل لقد كان
واضحاً مراعاة ما يمكن صنعه عند كثير من أهل المهن المتعلقة بنضوج الأصناف المختلفة
وذلك واضح في نحو قوله صلى الله عليه وسلم " أنتم أعلم بشؤون دنياكم " في حادثة
تأبير النخل المشهورة .
عن رافع بن خديج قال : قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يأبرون النخل -
يقولون : يلقحون النخل - فقال : ما تصنعون ؟ قالوا : كنا نصنعه ، قال : لعلكم لو لم
تفعلوا كان خيراً ، فتركوه ، فنقصت ، قال : فذكروا ذلك له ، فقال : إنما أنا بشر ،
إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به ، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر . رواه
مسلم (2362)
وأما القسم المتعلق بهندسة الجينات في المجال البشري : فإن هذا تقرر إخضاعه لرقابة
شديدة جداً وبالجملة فإنه يمكن أن يقال : إنه يقسم إلى قسمين :
القسم الأول : وهو إعادة الهيكلة والترتيب في الجينات الموجودة من غير خلط بأخرى من
أجل إزالة عيوب محتملة خلقة ؛ فإن هذا الأقرب فيه جوازه من جهة أنه أقرب إلى
التداوي منه إلى زيادة صفات جديدة .
والقسم الثاني : وهو أخطرها ، وهو إيجاد صنف لم يكن ، وذلك عن طريق مزج عوامل
وراثية غريبة بدعوى إيجاد صنف جديد خال من الشوائب ، وهذا بالتأمل والنظر : ممنوع
شرعاً وعقلاً .
فشرعاً : لأنه لم يكن فيه تنظيم لعلاقة الرجل مع المرأة أو الأزواج التي هي محل
مراقبة وعناية شديدة في الإسلام.
وعقلاً : لأن هذا فيه إضاعة الرابطة الاجتماعية القوية وهي رابطة القربى والنسب بين
أفراد العنصر البشري الواحد فإذا ضاعت هذه الرابطة لم يكن للإنسان ما يميزه عن غيره
في كونه عنصراً مألوفاً متفاهماً وله عادات وتقاليد وظروف تجعله يتمتع بأنواع
السعادة التي تجلب عليه هذه الأسباب .
وللاستزادة يمكن مراجعة ما كتبه الدكتور عبد الستار أبو غدة حول هذا الموضوع في "
مجلة المجمع الفقهي " ( 8 / 1203 ) .
والله أعلم