الحمد لله.
الصلاة أمرها عظيم ، وشأنها كبير ، وقد جاء في الأمر بها ، والمحافظة عليها في أوقاتها ، والترغيب في ذلك ، والتحذير من التهاون فيه ، ما هو مشهور معلوم ، كقوله تعالى ، ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) النساء/103 ، وقوله : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) البقرة/238 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ فَقَالَ : ( الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا ) رواه البخاري (527) ومسلم (85).
ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا لعذر يبيح الجمع ، كالمطر الذي يبل الثياب ، فيجوز الجمع لأجله بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، تقديما أو تأخيرا . ولا يجوز تأخير الظهر أو العصر حتى تغرب الشمس بحال ، وذلك من كبائر الذنوب .
ومن دهمه سيل أو نار أو طارده سبُع ، وخشي خروج الوقت قبل فعل الصلاتين المجموعتين ، صلى على حاله ، على قدر استطاعته ، ولو ماشيا ، ويومئ بالركوع والسجود إن عجز عن فعلهما ، ويسقط عنه استقبال القبلة إن كان هربه إلى غير جهتها. وتسمى : صلاة شدة الخوف .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/258) : " وجملة ذلك أنه إذا اشتد الخوف ، بحيث لا يتمكن من الصلاة إلى القبلة ، أو احتاج إلى المشي ، أو عجز عن بعض أركان الصلاة ; إما لهرب مباحٍ من عدو ، أو سيل ، أو سبُع ، أو حريق ، أو نحو ذلك ، مما لا يمكنه التخلص منه إلا بالهرب ، أو المسايفة ، أو التحام الحرب ، والحاجة إلى الكر والفر والطعن والضرب والمطاردة ، فله أن يصلي على حسب حاله ، راجلا وراكبا إلى القبلة إن أمكن ، أو إلى غيرها إن لم يمكن .
وإذا عجز عن الركوع والسجود ، أوْمأ بهما ، وينحني إلى السجود أكثر من الركوع على قدر طاقته . وإن عجز عن الإيماء ، سقط ، وإن عجز عن القيام أو القعود أو غيرهما ، سقط ، وإن احتاج إلى الطعن والضرب والكر والفر ، فعل ذلك . ولا يؤخر الصلاة عن وقتها ; لقول الله تعالى : فإن خفتم فرجالا أو ركبانا . وروى مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : فإن كان خوفا هو أشد من ذلك صلوا رجالا ، قياما على أقدامهم ، أو ركبانا ، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها . قال نافع : لا أرى ابن عمر حدثه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى .
وأما الطهارة : فإنه يتوضأ إن استطاع ، وإلا تيمم ، فإن عجز عن الاثنين صلى على حاله ؛ لقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16
وبهذا يعلم أنه لا يجوز تأخير الظهر أو العصر إلى وقت المغرب أو العشاء ، ولا عذر في ذلك لأحد ما دام مستيقظا عقله معه .
ولا حرج في الوضوء من الماء المتغير بالطين ، فإن ذهب عنه اسم الماء وصار وحلا ، ولم يجد غيره ، انتقل إلى التيمم ، فإن لم يجد ترابا صلى على حاله .
ومن حجزه السيل وهو في سيارته صلى قاعدا .
والله أعلم .