حكم إجراء عملية لتطويل القامة
لدي مشكلة في النمو ، فأنا لم أنم بشكل جيد، إنني في منتصف العشرينات من عمري ، وطولي يشعرني بالاكتئاب ، أعرف أن هذه ليست مشكلة رئيسية للكثيرين ، ولكنها كذلك بالنسبة لي ؛ فطولي تحت نسبة القصر المعتادة ، فهل يجوز لي أن أزيد من طولي من خلال عملية تجميل؟
الجواب
الحمد لله.
تطويل القامة يتم عن طريق الهرمونات ومعالجة مسببات القصر والتقزم ، ويتم عن طريق
الجراحة ، ولا حرج في استعمال الطريق الأول .
وأما الجراحة فإنها تعتمد على كسر العظم ، ويحيط بها مخاطر واحتمال تليف العضلات أو
حدوث الالتهابات ، والأصل تحريم إلحاق الإنسان الضرر بنفسه ، إلا إذا كان لغرض
التداوي.
قال ابن حزم رحمه الله :
" واتفقوا أنه لا يحل لأحد أن يقتل نفسه ، ولا أن يقطع عضوا من أعضائه ، ولا أن
يؤلم نفسه في غير التداوي بقطع العضو الألِم [ يعني : المصاب بالألم ] خاصة " انتهى
من "مراتب الإجماع" ص 157
وهذه المسألة بحثها الدكتور صالح بن محمد الفوزان حفظه الله في رسالته للدكتوراة ،
التي عنوانها : "الجراحة التجميلية عرض طبي ودراسة فقهية مؤصلة" وانتهى فيها إلى
التحريم .
ومما جاء في ذلك : " ويظهر لي حرمة إجراء العملية لهذا الغرض ، وذلك لما يلي :
1- أن تطويل القامة بهذه التقنية تعتمد على إحداث كسر في عظم صحيح ، وهذا يتنافى مع
ما تقرر من حرمة بدن المعصوم وعدم جواز الاعتداء عليه بأي وسيلة ما لم يكن ذلك
لحاجة التداوي ، وأما مجرد الرغبة في طول القامة فليس مسوغا كافيا في انتهاك هذه
الحرمة .
وقد جاء ما يدل على حرمة الاعتداء على العظام بالكسر في مثل قوله صلى الله عليه
وسلم : ( كسر عظم الميت ككسره حيا ) ففي هذا الحديث تشبيه لكسر عظم الميت بكسر عظم
الحي ، وهذا يدل على أن حرمة كسر عظم الحي حكم قطعي متقرر ، ولذا شبه كسر عظم الميت
به ، والمراد التشبيه في أصل الحرمة لا في مقدارها ؛ إذ الجناية على عظم الميت ليست
كالجناية على عظم الحي في القصاص والدية بالإجماع .
ب- أن قصر القامة يعد شيئا معتادا في أوساط الناس ، ولا يعد عيبا في الغالب ،
والجراحة لتغيير خِلقة معهودة قد تكون من تغيير خلق الله تعالى الذي جاءت النصوص
بتحريمه كما تقدم.
ولو سلمنا بأن القصر خِلقة غير معهودة ، فإنه لن يتم علاجه وتحويله إلى خلقة معهودة
؛ ذلك أن مظهر الجسم لن يكون متناسقا ؛ إذ يقع التطويل في الأطراف السفلى بينما
تكون بقية الأعضاء قصيرة بشكل لافت ، مما يجعل الجسم يبدو في هيئة غير معتادة ،
فليس في هذه الجراحة تحويل للخلقة غير المعهودة إلى خلقة معهودة ، وإذا لم يكن
التطويل علاجا للتشوّه فليس له مسوغ شرعي لما يشتمل عليه من كسر للعظم الصحيح دون
حاجة .
ج - ما تقدم من المضاعفات الخطرة لهذه الجراحة ، كالالتهابات والآلام الشديدة لمدة
طويلة ، وتليّف العضلات ، مع احتمال اختلال هذا الجهاز ، فضلا عن عدم تناسق الجسم ،
وهذا كله لا يجوز الإقدام عليه لمجرد الرغبة في الظهور بمظهر أجمل وزيادة عدة
سنتيمترات في الطول " انتهى من "الجراحة التجميلية" ص 322
وبناء على ذلك : ينبغي ألا يقلقك أمر القصر ، وأن تعلم أن جمال الإنسان بخلقه وحسن
تعامله ، وقيمة المرء بما يحسنه من أعمال لا بمظهره ، فوطن نفسك على الرضا بما أنت
فيه مما قدره الله عليك ، وانظر إلى من هو دونك في الخلق والمنظر لترى نعمة الله
عليك .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات .
والله أعلم .