إذا أقدم شخص على ذبح بقرة بطريقة حلال ، ولكنها ماتت قبل أن يتمكن من قطع حلقها ، فهل له أن يستمر في الذبح ، وهل لحم البقرة ما يزال حلالا ، وأنا أستغرب ، منذ تعلمنا في الإسلام أن كل شيء مبني على النوايا ، فإذا كان من نية ذلك الشخص ذبح البقرة بطريقة حلال ، ألا يزال اللحم حلالا ؟
الحمد لله.
أولا :
لا بد بداية من توضيح الإشكال الوارد في السؤال حول النية ؛ لأن كثيرا من الناس
يفهم الحديث الصحيح المشهور : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا
لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) فهما خاطئا ، فيظنون أن النية السليمة تكفي للحكم على
الفعل بالصحة والقبول ، والصواب أنه لا بد من اجتماع شرطين في أي عمل شرعي كي نحكم
بصحته وقبوله :
الشرط الأول : النية الصحيحة الخالصة .
الشرط الثاني : تحقق أركان العمل وشروطه موافقةً لأحكام الشريعة .
أرأيت لو أن رجلا صلى صلاة الظهر مثلا ، ولم يأت بالسجود ، ولم يأت بالركوع ، أو
صلى على غير وضوء ، وهو يقول : يكفي أن نيتي سليمة وأني أحب عبادة الله تعالى ، فهل
نحكم بصحة صلاته ونتركه وشأنه ، أم نحكم ببطلان الصلاة ووجوب تعليمه وتخليصه من
جهله ؟!!
لا شك أننا سنحكم ببطلان صلاته ، وسننصحه بأن النية لا تكفي لتصحيح الأعمال ، فقد
قال عليه الصلاة والسلام : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ
رَدٌّ ) رواه مسلم (1718)
والله عز وجل يقول : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا .
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ
أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) الكهف/103-104.
وقد سبق تقرير هذا الأمر في موقعنا في الفتوى رقم : (60219)
ثانيا :
إذا تحقق الذابح من موت ذبيحته ، شاة ، أو بقرة أو غير ذلك ، قبل أن يصل إلى قطع
الحلقوم والمريء ، حتى ولو كان قد شرع في الذبح : فلا يحل أكلها ، بل هي ميتة من
الميتات ؛ لأن وفاتها لم تكن بسبب التذكية الشرعية ، وإنما بسبب آخر سوى قطع
الحلقوم والمريء الذي هو ركن التذكية الشرعية .
يقول الإمام النووي رحمه الله :
" يجب أن يسرع الذابح في القطع ، ولا يتأنَّى بحيث يظهر انتهاء الشاة قبل استتمام
قطع المذبح إلى حركة المذبوح ، هكذا قاله إمام الحرمين وغيره " انتهى من ويقول ابن
حجر الهيتمي رحمه الله :
" لو تأنى – يعني في الذبح - بحيث ظهر انتهاؤه لحركة مذبوح قبل تمام قطعهما : لم
يحل ؛ لتقصيره " انتهى من " تحفة المحتاج " (9/324) . وينظر: " المجموع " للنووي
(9/100) .
فالحاصل :
أن البقرة إذا ماتت قبل قطع الحلق والمريء لا يحل أكلها ؛ لأن موتها لم يكن سبب
الذكاة الشرعية .
والله أعلم .