الحمد لله.
فإن لم يكرر لفظ اليمين ، بل أتى بها جملة ، كما
لو قال : " أقسم بأغلظ الأيمان " انعقدت يمنيه ؛ لحصول المقصود ، وهو الحلف بالله
أو بصفة من صفاته جملة ، وأغنى ذلك عن التكرار.
لكن لا تغلظ اليمين إلا لأمر له شأن وأهمية .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " الشيء البسيط لا يجوز أن تغلظ فيه ، والذي يطلب
التغليظ القاضي أو المدعي ، فإذا طلب المدعي التغليظ ورأى القاضي أن الأمر خطير ،
فله أن يغلظ مثلا ادعى عليه بمليون ريال، وهذا له خطر كبير، ولو ادعى عليه بعشرة
ريالات فليس لها خطر، أو تداعى زيد وعمرو عند القاضي في نعل يساوي خمسة ريالات ،
فقال المدعى عليه : ليس عندي ولا رأيته ، فقال القاضي للمدعي: هل لك بينة ؟ قال: ما
لي بينة ، قال: إذن لك يمينه ، قال: لكن غلظ عليه اليمين ، فلا يجيبه إلى طلبه ؛
لأن هذا شيء يسير ، فإذا قال المدعي: هو شيء يسير عليك ، لكن أنا ليس يسيرا علي ،
نقول : العبرة بأوساط الناس ، فالذي له خطر يعني المال الكثير، فالقصاص ، والسرقة ،
وما أشبه ذلك ، هذا الذي له خطر، أما الشيء اليسير فلا تغليظ فيه .
وقال بعض أهل العلم : حيث رأى القاضي التغليظ غلظ ، وحيث لم ير التغليظ لم يغلظ ،
يعني أن المسألة ترجع إلى اجتهاد القاضي ، فقد يرى التغليظ ؛ لأن هذا المنكر رجل
مبطل لا يهمه أن يقول: والله ليس له علي شيء ، لكن لو غلظنا عليه ربما لا يحلف
ويتراجع ، وربما يرى القاضي عدم التغليظ ؛ لأن المنكر رجل صدوق ، لا يمكن أن يقول:
ليس عندي شيء حتى وإن لم يحلف إلا وهو صادق .
والصحيح : أن هذا يرجع إلى اجتهاد الحاكم ، فإن رأى التغليظ غلظ وإلا فلا..." .
انتهى من "الشرح الممتع"(15/480) .
وينظر جواب السؤال رقم (152120) .
والله أعلم