الحمد لله.
4. ولم يحصل جماع النبي صلى
الله عليه وسلم لصفية إلا بعد أن أعلنت إسلامها ، وبعد أن أعتقها ، فهو لم يجامعها
وهي يهودية ، ولا وهي أمَة ، بل كانت زوجة له وقد أمهرها وكان مهرها عتقها ، وصنع
لها وليمة عرس .
عن إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال : لما دخلتْ صفيَّةُ على النَّبي صلى الله عليه
وسلم قال لها ( لم يزل أبوك من أشد يهود لي عداوة حتى قتله الله ) فقالت : يا رسول
الله إن الله يقول في كتابه ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) الأنعام/ 164 ، فقال لها
رسول الله : اختاري ، فإن اخترتِ الإسلام أمسكتُكِ لنفسي ، وإن اخترت اليهودية فعسى
أن أعتقك فتلحقي بقومك ، فقالت : يا رسول الله لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن
تدعوني ، حيث صرت إلى رحلك وما لي في اليهودية أرب ، وما لي فيها والد ولا أخ ،
وخيَّرتني الكفرَ والإسلامَ ، فالله ورسوله أحب إلي من العتق وأن أرجع إلى قومي ،
قال: فأمسكها رسول الله لنفسه .
" الطبقات الكبرى " ( 8 / 123 ) .
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ ... فَبَنَى بِهَا ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي
نِطَعٍ صَغِيرٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَفِيَّةَ ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ
فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا
وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ
فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ .
رواه البخاري ( 2120 ) .
" فبنى بها " : دخل بها والبناء الدخول بالزوجة ، " حيساً " : خليطاً من التمر
والأقط والسمن ويقال من التمر والسويق أو التمر والسمن ، " نطع " جلود مدبوغة يجمع
بعضها إلى بعض وتفرش ، " آذِن مَن حولك " : أعلمهم ليحضروا وليمة العرس ، " يحوِّي
" : يدير كساء فوق سنام البعير ثم يركبه .
5. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر صفية رضي الله عنها بما حصل عليه وعلى
الإسلام من والدها ، فما زال يخبرها ويعتذر لها حتى ذهب ما في نفسها عليه ، فلم
يعاشرها وهي مبغضة له كما يزعم المغرضون الكاذبون ، بل كان ذلك بعد إسلامها وزواجها
وزوال ما في نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم حتى استحقت شرف أمومة المسلمين .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : ... قالت صفية : وكان رسول الله صلى الله
عليه وسلم من أبغض الناس إليَّ قَتل زوجي وأبي وأخي فما زال يعتذر إليَّ ويقول : (
إن أباك ألَّب علي العرب وفعل وفعل ) حتى ذهب ذلك من نفسي .
رواه ابن حبان في " صحيحه " ( 11 / 607 ) ، وحسنه الألباني .
6. وكانت صفية قد رأت رؤيا عبَرها لها زوجها اليهودي بأنها تتزوج النبي صلى الله
عليه وسلم ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : ... ورأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم بعيني صفية خضرة فقال : ( يا صفية ما هذه الخضرة ؟ ) فقالت : كان رأسي في
حجر ابن أبي حقيق ، وأنا نائمة فرأيتُ كأن قمراً وقع في حجري فأخبرته بذلك ، فلطمني
وقال : تمنِّين ملِكَ يثرب ؟ .
رواه ابن حبان في " صحيحه " ( 11 / 607 ) وحسنه الألباني .
فهذا توضيح وبيان لحادثة
صفية بنت حيي رضي الله عنها ، فعسى أن يكون في ذلك فائدة للموافق وهداية للمخالف .
والله أعلم