الحمد لله.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"والأقرب أن يقال : إن ذلك كان في ابتداء الحال على أصل الإباحة ثم ورد الأمر
بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الأبواب عليها" انتهى من "فتح الباري" (1/279) .
وقال الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله :
"في الحديث إشكالان : الإشكال الأول : إقبال الكلاب وإدبارها هذا الحديث أشار
العلماء إلى الجواب عنه ، وقالوا : إن الرواية تقبل وتدبر أي في المسجد وأما البول
فليس في المسجد وإنما وقع الإقبال والإدبار داخل المسجد وأما قضية البول فإنه لم
يكن داخل المسجد ، وقد أشار الحافظ ابن حجر-رحمه الله- في شرحه لصحيح البخاري أعني
الفتح إلى هذا الجواب .
لكن لو قلنا إنها تقع على رواية تقبل وتدبر وتبول في
المسجد فإننا نقول تبول في المسجد، بولها في المسجد لا يخلو من حالتين:
أولاً : إما أن تبول على علم فحينئذ لا إشكال فيه أنه يقوِّي أن يقال بأنها ليست
بنجسة إذا ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - والصحابة اطلعوا على بولها وصلوا على
المكان الذي بال فيه الكلب وليس في الحديث ما يدل على ذلك .
ثانياً : أنه أجيب بأن هذا متقدم على أمره-عليه الصلاة والسلام- بغسل الإناء من
ولوغ الكلب وهذا أقوى الأجوبة ، وتوضيحه : أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن
له أبواب وقد جاء في رواية ابن عمر رضي الله عنهما وأشار إليها أيضاً الحافظ رحمه
الله في الفتح إلى أنه قد اعتني بعد ذلك بالمسجد وجعل له ما يحفظه ومنع من دخول
الكلاب إليه ، وهذا يدل على أن آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم عنايته
، فإذا كان آخر الأمرين ونظرت إلى أحاديث الأمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب وجدتها
من رواية أبي هريرة وعبد الله بن مغفل وكلاهما رضي الله عنهما متأخر الإسلام وحينئذ
قالوا : إن هذا الذي ورد في الحديث إنما هو في الشأن المتقدم وما جاء من الأمر بغسل
الإناء من ولوغ الكلب إنما هو في الشأن المتأخر .
والأصل : أنه يعمل بالمتأخر ويكون ناسخاً للمتقدم ، وحينئذ لا إشكال فيه ، هذا
بالنسبة للإقبال والإدبار في المسجد " انتهى من "شرح سنن الترمذي" .
والله أعلم