الحمد لله.
وعن جابر بن عبد الله رضي
الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ : (إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ
بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ) فَقِيلَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا
السُّفُنُ ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ ،
فَقَالَ : (لَا هُوَ حَرَامٌ) رواه البخاري (2082) ومسلم (2960) .
وقال ابن بطال رحمه الله : " أجمع العلماء على أن بيع الخنزير وشراءه حرام " انتهى من انتهى من شرح ابن بطال "لصحيح البخاري" (6/344)
وقال ابن القيم رحمه الله : " وأما تحريم بيع الخنزير فيتناول جملته وجميع أجزائه الظاهرة والباطنة.." انتهى من "زاد المعاد"(5/674) .
ولكن .. إذا لم يمكن الحصول على عظام الخنزير إلا بشرائها ، ولا توجد مادة أخرى تقوم مقامها، فلا حرج عليكم في ذلك ، لأن هذه ضرورة ، والضرورة تبيح المحرم ، كما قال الله تعالى : (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) الأنعام/119 .
ثانياً :
لا حرج من الانتفاع بعظم الخنزير فيما ذكر من صناعة الغراء ، لأن العظام في حكم شحوم الميتة ، والحديث إنما حرم بيعها لا الانتفاع بها ،
قال ابن القيم رحمه الله : " وفي قوله هو حرام قولان , أحدهما : أن هذه الأفعال حرام , والثاني : أن البيع حرام وإن كان المشتري يشتريه لذلك , والقولان مبنيان على أن السؤال منهم هل وقع عن البيع لهذا الانتفاع المذكور أو وقع عن الانتفاع المذكور ؟ والأول اختيار شيخنا , وهو الأظهر ; لأنه لم يخبرهم أولا عن تحريم هذا الانتفاع حتى يذكروا له حاجتهم إليه , وإنما أخبرهم عن تحريم البيع , فأخبروه أنهم يبتاعونه لهذا الانتفاع , فلم يرخص لهم في البيع , ولم ينههم عن الانتفاع المذكور , ولا تلازم بين جواز البيع وحل المنفعة , والله أعلم " انتهى من "إعلام الموقعين" (4/ 248).
فيجوز الانتفاع بهذه العظام ، دون شرائها ، فإن احتاج إليها ، ولم يجد من يبذلها له إلا بالبيع ، جاز شراؤها .
والله أعلم