حلفت ألا تكلمها ثم أرسلت لها رسالة بالجوال فهل تحنث؟

01-08-2011

السؤال 172345

امرأة مسلمة حلفت ألا تكلم امرأة مسلمة أخرى بسبب خلاف نشب بينهما، وقامت الأخرى بالاتصال بها عبر الجوال مرارا وتكرارا، فقامت الأولى بالرد عليها عبر خدمة الرسائل النصية ؟ والآن تسأل الأولى هل علي كفارة يمين أم لا ؟ وماذا علي إذا أردت أكلمها مرة أخرى.

الجواب

الحمد لله.


من حلف ألا يكلم إنسانا ، فكتب له رسالة ، ففي حنثه خلاف بين الفقهاء ، فالحنفية والشافعية على أنه لا يحنث .
وذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يحنث ، واعتبروا المراسلة والكتابة من الكلام .
والراجح أن الكتابة لا تعد كلاما ، لكن ينظر في نية الحالف ، وفي الباعث له على الحلف ، فإن أراد منع الكلام اللفظي فقط لم يحنث ، وإن أراد منع التواصل مطلقا ، أو كان الباعث له على الحلف أنه لا يريد التواصل مطلقا ، حنث بكتابته .
قال في "المبسوط" (9/ 23) : " وإن كتب إليه أو أرسل لم يحنث لما بينّا أن الكلام لا يكون إلا مشافهة , ألا ترى أن أحدا منا لا يستجيز أن يقول : كلمني الله ، وقد أتانا كتابه ورسوله . وإنما يقال : كلم الله موسى تكليما ; لأنه أسمعه كلامه بلا واسطة " انتهى .
وقال في "كشاف القناع" (6/ 259) : " ( وإن حلف لا يكلم إنسانا حنث بكلام كل إنسان من ذكر وأنثى وصغير وكبير وعاقل ومجنون ) ... ( ولو كاتبه ) الحالف ( أو أرسل إليه رسولا حنث ) لقوله تعالى : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا وقول عائشة : ما بين دفتي المصحف كلام الله ، ولأن ذلك وضع لإفهام الآدميين أشبه الخطاب . قال في الشرح والمبدع : والصحيح أن هذا ليس بتكليم ، لكن إن نوى ترك مراسلته ، أو سببُ يمينه يقتضي هجرانه ، فإنه يحنث ( إلا أن يكون ) الحالف ( أراد أن لا يشافهه ) فلا يحنث بالمكاتبة ولا بالمراسلة " انتهى .
وينظر : مواهب الجليل (3/ 299)، مغني المحتاج (6/ 218).
ثانيا :
إذا لم تحنث في يمينها ، وكان الخير في كلام هذه المرأة ، فينبغي أن تكلمها وتكفّر عن يمينها ؛ لحديث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ ) . رواه البخاري ( 6343 ) ومسلم ( 1652 ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِهَا وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ ) . رواه مسلم ( 1650 ) .
وأما إن حصل الحنث بالكتابة لها - على التفصيل السابق - فقد انحلت اليمين ، وأمكنها الكلام ، وعليها كفارة الحنث .
والله أعلم .
الأيمان والنذور
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب